للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَاَلَّذِي يُجَنُّ (١) وَيُفِيقُ يَجْزِيه)، يريد به إذا أعتقه في حال إفاقته.

وروى إبراهيم عن محمد (٢): إذا أعتق عبدًا حلال الدّم قد قضى بدمه عن طهارة، ثم عفى عنه لم يجز، كذا في «المحيط» (٣).

ولا يجزئ عتق المدبّر (٤) وأم الولد؛ لأنّ المنصوص عليه الرقبة، وذلك اسم للذّات حقيقة وللذّات المرقوقة عرفاً، وقد دلّ على الرق قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٥) فيقتضي قيام الرق مطلقاً وبالاستيلاد (٦) يتمكن النقصان في الرق حتّى لا يعود إلى [الحال] (٧) الأولى بحالٍ، ولأنّ قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٨) يقتضي إنشاء العتق من كل وجه، وإعتاق أمّ الولد تعجيل لما صار مستحقًّا لها مؤجلاً، فلا يكون إنشاء من كلّ وجه كذا في «المبسوط» (٩).

وبهذا يعلم أن الرق ناقص فيهما دون الملك؛ لأن العتق ضد الرق، لا ضد الملك؛ لأن الملك ثابت في الثياب ولا يثبت العتق واتحاد المحل شرط التضاد، فبهذا يعلم أن ثبوت الملك في موضع لا يلزم الرق وإذا كان الرق ناقصاً لا يجوز عن الكفّارة لعدم الإعتاق من كلّ وجه والملك فيها كامل؛ لأنّ المالك ما أزال الرق قصدًا عن أمّ الولد، بل أزال الشرع بسبب الولد فيظهر في حق الرق لأنّ الرق حق الشرع.


(١) الجنون آفة تنال العقل فتزيله. ينظر: (غريب الحديث للخطابي ٢/ ٢٦٧).
(٢) إِبْرَاهِيم بن رستم أَبُو بكر الْمروزِي أحد الْأَعْلَام تفقه على مُحَمَّد بن الْحسن وروى عَن أبي عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْمروزِي وَأسد بن عَمْرو البَجلِيّ وهما مِمَّن تفقها على أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ تفقه عَلَيْهِ الجم الْغَفِير وَسمع من مَالك وَالثَّوْري وَشعْبَة وَحَمَّاد بن سَلمَة، وَمَات فى الْيَوْم الْعَاشِر وَهُوَ يَوْم الْأَرْبَعَاء لعشر بَقينَ من جمادي الْآخِرَة سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَدفن بِبَاب يعمر رَحمَه الله تَعَالَى. ينظر: تاريخ بغداد وذيوله (٦/ ٧٠)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٨).
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٣٥).
(٤) والمدبر من العبيد والإماء مأخوذ من الدبر؛ لأن السيد أعتقه بعد مماته، والممات دبر الحياة، فقيل مدبر، والفقهاء المتقدمون يقولون: المعتق من دبر أي بعد الموت. ينظر: (غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٥) سورة المجادلة (الآية/ ٣).
(٦) الاستيلاد: طلب الولد من الأَمَةِ. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص ٢٢).
(٧) في (ب): الحالة.
(٨) سورة المجادلة (الآية/ ٣).
(٩) المبسوط للسرخسي (٧/ ٢).