للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله -رحمه الله-: "وَالْفَاسِدُ مُلْحَقٌ بِهِ" فلما ألحق الفاسد بالصّحيح، كان من نفي الفراش الصحيح نفي الفراش الفاسد، فيجب الحدّ.

"فَنَفْيُهُ عَنْ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ قَذْفٌ حَتَّى يَظْهَرَ الْمُلْحَقُ بِهِ"، أي: قبل ظهور الملحق به بحدّ القاذف إلحاقاً للصّحيح، وأمّا إذا أظهر الملحق به حينئذ لا يحدّ.

وذكر في «المبسوط» لشيخ الإسلام -رحمه الله- وقال الشافعي: لا يصير قاذفاً لها بنفي الولد ما لم يقل وأنّه ومن الزنا، لجواز أن يكون من الوطء بشبهة (١)، وأجمعوا أنّه لو قال لأجنبيّة: ليس هذا الذي ولدته من زوجك، لا يصير قاذفاً، ما لم يقل وأنّه من الزنا، والقياس ما قاله إلا أنا تركناه لضرورة في اللعان؛ لأنّ الزّوج قد يعلم أنّ الولد ليس منه بأن لم يطأها أو عزلها عزلاً بيّنا، ولكن لا يعلم أنّه بزنا أو بوطء عن شبهة فاكتفى بنفي الولد، حتّى ينفي عنه نسب الولد، وهذه الضرورة معدومة في حق الأجنبي.

"وَيُشْتَرَطُ طَلَبُهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا"؛ لأن باللعان يدفع عار الزنا عن نفسها.

(فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ)، أي: امتنع الزّوج من اللّعان، (حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ)، وهذا عندنا، [وعند] (٢) الشافعي يقام عليه حدّ القذف بناء على أن موجب القذف الحدّ (٣)، وإن كان بين الزّوجين، ولكن الزّوج يتمكّن من إسقاط ذلك الحدّ عن نفسه باللّعان، وعندنا يحبس حتّى يلتعن.

"لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ"؛ أي: لأنّ اللعان حق واجب على الزّوج.

"وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيفَائِهِ"، هذا احتراز عن المديون المفلّس (٤) فإنّ الدّين عليه حق مستحق عليه، ولكنّه غير قادر على إيفائه فلذلك لا يحبس.

"فَيُحْبَسُ بِهِ"، أي: بسببه حتّى يأتي بما هو عليه، فإذا كذب نفسه فحينئذ يجب عليه حد القذف.

"لِيَرْتَفِعَ السَّبَبُ"، أي: سبب اللعان وهو التكاذب؛ لأن اللعان إنّما يجب إذا كذّب كلّ واحد منهما فيما يدّعيه الآخر بعد قذف الزّوج امرأته بالزنا.

وأما إذا أكذب نفسه لم يبق التكاذب بل وافق المرأة في أنّها لم تزن، ولا يجري اللعان بعد ذلك.


(١) ينظر: الأم للشافعي (٥/ ١٣٩).
(٢) في (ب): وقال.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير (١١/ ١٢٧).
(٤) هو الذي لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، وإنما سمي مفلسًا؛ لأنه لا مال له إلا الفلوس، وهي أدنى أنواع المال. ينظر: (المطلع على ألفاظ المقنع ص ٣٠٤).