للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي نسخة ليرتفع الشين، وفي نسخة ليرتفع السّبب، وإنّما احتاجوا إلى هذا التغيير على زعم أنّ سبب اللعان لا يرتفع بالإكذاب بل يتقرّر.

ألا ترى أنّه يجب عليه الحدّ بالإكذاب، وهو الأصل في القذف، فقالوا كأنّه أراد بالسّبب الشرط؛ لأنّ التكاذب شرط اللّعان، ولكنّ الوجه ما قلنا لما أنّ اللعان ظاهراً [لذا انضاف] (١) إلى قذف الزّوج امرأته بالزنا، فكان سبب اللّعان هو القذف، فإذا أكذب نفسه لم يبق ما قذفه موجباً للعان، فيصحّ أن يقال ليرتفع السّبب.

"لِمَا تَلَوْنَا مِنْ النَّصِّ"، وهو قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (٢).

(وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا) فصورة ما إذا كان الزّوج كافراً وامرأته [مسلمة] (٣) مع أن بينهما على هذا الوجه لا يصحّ النكاح، ففي ما إذا كان الزّوجان كافرين، فأسلمت امرأته فقذفها زوجها قبل أن يُعرض عليه الإسلام، فهو ليس من أهل الشهادة عليها، وكذلك العبد إذا كانت تحته حرّة فلا يكون قذفه إياها موجباً للعان، ولكن يكون موجباً حدّ القذف؛ لأن القذف بالزنا لا ينفكّ عن موجب، فإذا خرج من أن يكون موجباً للعان لمعنى في القاذف كان موجباً للحدّ، كذا في «المبسوط» (٤).

ولو كانا محدودين في قذف فعليه الحدّ؛ لأنّ امتناع اللعان لمعنى من جهته.

فإن قلت: كما أن امتناع اللعان لمعنى من جهته، وكذلك لمعنى من جهتها -أيضاً-؛ لأنّ المانع من اللعان هو كونه محدودًا في القذف، وهو وصف مشترك بينهما فلم يعرَّض في هذا الوصف جانب الرجل دون المرأة؟.

قلت: إنّما لم يقل بأن امتناع جريان اللعان ههنا لكونها محدودة؛ لأنّ أصل القذف يكون من الرجل، وإنّما يظهر حكم المانع في جانبها بعد قيام الأهليّة في جانب الرجل، فأمّا بدون الأهلية في جانبه فلا معتبر بحالها، كذا في «المبسوط» (٥).

وحاصله أنّ المانع من جانبها إنما يكون مانعًا أن لو كان الزّوج أهلاً لموجب القذف، وهو الحدّ واللعان؛ لأنّ عند وجود المانع من جانبها لم تكن هي محصنة، فلا يكون قذفها موجباً للحدّ واللعان، وأمّا إذا كان امتناع اللعان من جانبه -أيضاً- لم يظهر مانعته ما كان مانعًا من جانب المرأة، والقذف في أصله موجب للحدّ فيجب الحدّ.


(١) في (ب): إنما يضاف.
(٢) سورة النور (الآية/ ٦).
(٣) سقطت من (أ).
(٤) المبسوط للسرخسي (٧/ ٤٠).
(٥) المبسوط للسرخسي (٧/ ٤١).