للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المبسوط»: «فأبو يوسف يقول: البلغم [إحدى] (١) الطبائع الأربع فكان نجسًا كالمرة والصفراء.

وقالا (٢): البلغم [بزاق] (٣) والبزاق طاهر. ومعنى هذا أن الرطوبة في أعلى الحلق ترق فتكون بزاقًا، وفي أسفله تثخن فيكون بلغمًا، وبهذا يتبين أن خروجه ليس من المعدة بل من أسفل الحلق، وهو ليس بموضع [النجاسة] (٤) والبلغم هو النخامة» (٥).

وقال -عليه السلام- لعمار -رضي الله عنه-: «مَا نُخَامَتُكَ وَدُمُوعُ عَيْنَيْكَ وَالْمَاءُ الَّذِي فِي رَكْوَتِكَ إِلا سَوَاءٌ» (٦). ولهما أنه لزج لا يتخلله النجاسة.

فإن قيل: ينقض هذا ببلغم يقع في النجاسة، ثم يرفع نحكم بنجاسته.

قلنا: لا رواية في هذه المسألة، ولئن سلم فالفرق بينهما أن البلغم مادام في الباطن يزداد ثخانته فيزداد لزجه، فإذا انفصل عن الباطن تقل ثخانته فيقل لزجه، فإذا قل لزجه ازدادت رقته فلزقته جاز أن يقبل النجاسة بخلاف [ما] (٧) إذا كان في باطنه، وكان الطحاوي: يميل إلى قول أبي يوسف حتى روي عنه أنه كان يكره الإنسان أن يأخذ البلغم بطرف ردائه ويصلي معه، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٨).

وَلَوْ قَاءَ دَمًا وَهُوَ عَلَقٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ مِلْءُ الْفَمِ لأنَّهُ سَوْدَاءُ مُحْتَرِقَةٌ) وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ -رحِمَهُ الله- اعْتِبَارًا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ سَالَ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً لأنَّ الْمَعِدَةَ لَيْسَتْ بِمَحَلِّ الدَّمِ فَيَكُونُ مِنْ قُرْحَةٍ فِي الْجَوْفِ

-قوله: (ولو قاء دمًا وهو علق) أي: قاء دمًا غليظًا متجمدًا [غير] (٩) سائل؛ بدليل ما ذكر بعده وإن كان مائعًا، والدليل عليه [أيضًا] (١٠) ما ذكره شمس الأئمة السرخسي: في «الجامع الصغير» (١١)، فأما إذا كان الدم متجمدًا كالعلق لم ينقض الوضوء، حتى يملأ الفم لأن ذلك ليس بدم، وإنما هي مرة سوداء، وبهذا أيضًا يعلم أن موصوف السوداء والمرة في قوله: (لأنه سوداء محترقة). ثم السوداء المحترقة يخرج من المعدة، وما يخرج منها لا يكون حدثًا ما لم يكن ملء الفم.


(١) في (ب): «أحد».
(٢) أي: أبو حنيفة ومحمد، المبسوط للسرخسي (١/ ٧٥).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (م): «النجاسة» والتصويب من (ب) والمبسوط (١/ ٧٥).
(٥) المبسوط للسرخسي (١/ ٧٥) باب الوضوء والغسل.
(٦) أخرجه أبو يعلي (٣/ ١٨٥) الحديث رقم (١٦١١)، والعقيلي (١/ ١٧٦)، والدارقطني (١/ ١٢٧)، والطبراني في الأوسط (٦/ ١١٣) الحديث رقم (٥٩٦٣) قال الهيثمي (١/ ٢٨٣): مدار طرقه عند الجميع على ثابت بن حماد وهو ضعيف جداً.
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) انظر: الفوائد الظهرية وهو مخطوط.
(٩) في (ب): «وهو غير».
(١٠) ما بين معقوفين ساقطة من (ب).
(١١) انظر: شرح الجامع الصغير (/) لشمس الأئمة السرخسي.