للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «التفاريق» (١) الاختلاف بينهما، على عكس هذا، فكان الاعتبار في هذه المسائل باتحاد السبب واختلافه، كذا ذكره الإمام التمرتاشي.

وَهُوَ الصَّحِيحُ لأنَّهُ لَيْسَ بِنَجَسٍ حُكْمًا حَيْثُ لَمْ تَنْتَقِضْ بِهِ الطَّهَارَةُ (وَهَذَا إذَا قَاءَ مُرَّةً أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاءً، فَإِنْ قَاءَ بَلْغَمًا فَغَيْرُ نَاقِضٍ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ -رحِمَهُ الله-: نَاقِضٌ إذَا كَانَ مِلْءَ الْفَمِ، وَالْخِلافُ فِي الْمُرْتَقِي مِنْ الْجَوْفِ. َمَّا النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَغَيْرُ نَاقِضٍ بِالاتِّفَاقِ؛ لأنَّ الرَّأْسَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ. لأبِي يُوسُفَ -رحِمَهُ الله- أَنَّهُ نَجِسٌ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ لَزِجٌ لا تَتَخَلَّلُهُ النَّجَاسَةُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ قَلِيلٌ وَالْقَلِيلُ فِي الْقَيْءِ غَيْرُ نَاقِضٍ

-قوله: (وهو الصحيح) احتراز عن قول محمد: فإنه نجس عنده والذي [ذكره] (٢) في الكتاب قول أبي يوسف: خاصة حتى إذا أخذ ذلك بقطنه فألقي في الماء لا ينجس الماء عند أبي يوسف، ويتنجس عند محمد.

ثم بعض مشايخنا أخذوا بقول محمد احتياطًا، وبعضهم أخذوا بقول أبي يوسف، وهو اختيار المصنف: رفقاً [للناس] (٣) خصوصًا/ ٥/ ب/ في حق أصحاب القروح.

قوله: (فإن قاء بلغمًا) إلى آخره. قال الإمام المحبوبي: في «الجامع الصغير» (٤): هذا الاختلاف يرجع إلى اختلافهم أن البلغم طاهرٌ أم نجس؟ عندهما طاهر، وعند أبي يوسف نجس.

وحكي عن الإمام أبي منصور الماتريدي (٥): قال: ليس هذا اختلاف حجة، بل هو اختلاف صورة، فتصور لأبي حنيفة ومحمد أن البلغم يهيج من جانب الفم فأجاب أنه طاهر، وتصور لأبي يوسف أنه يهيج من البطن ويعلو منه فأجاب أنه نجس.


(١) التفاريق، لم أجده.
(٢) في (ب): «ذكر».
(٣) في (ب): «بالناس».
(٤) شرح الجامع الصغير -مخطوط- للإمام الأصولي، صاحب الفنون، عبيد الله بن مسعود المحبوبي البخاري، الحنفي، انتهت إليه معرفة المذهب، وكان ذا هيبة وتعبد، تفقه على العلامة عماد الدين الزرنجي، والإمام قاضي خان، كان محدثاً، وإليه انتهت رئاسة الحنفية بما وراء النهر، ولد سنة: (٥٤٦ هـ)، (ت ٦٣٠ هـ). الجواهر المضيئة (٢/ ٣٦٥) وسير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٥١).
(٥) هو الإمام محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي من كبار العلماء تتلمذ على أبي نصر العياضي، له كتب شتى منها: ١ - كتاب التوحيد، ٢ - كتاب المقاولات، ٣ - كتاب المقالات، ٤ - كتاب رد أوائل الأدلة للكعبي، ٥ - كتاب بيان أوهام المعتزلة، ٦ - كتاب تأويلات القرآن، توفي سنة: (٣٣٣ هـ):. الجواهر المضيئة (٢/ ١٣٠)، وتاج التراجم (٢/ ٥٩).