للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة -رحمه الله- سبعة أيام (١)؛ لأنّ في هذا المدّة يستعدّ للعقيقة (٢). وإنّما يكون للعقيقة بعد سبعة أيام.

ولكن هذا ضعيف فإنّ نصيب المقدار بالرأي لا يكون، ولو كان الزّوج غائباً حين ولدت فحضر بعد مدّة يجعل في حقّه في حكم النفي، كأنها ولدته الآن إلا أنّه روي عن أبي يوسف، قال: إن حضر قبل الفصال (٣) فله أن ينفيه إلى أربعين ليلة، ولو حضر بعد الفصال، فليس له أن ينفيه؛ لأنه يقضي بنفقته عليه في ماله الذي خلّفه، ولو كان له أن ينفيه بعد الفصال لكان له أن ينفيه بعدما صار شيخًا، وهذا قبيح وهذا كلّه إذا لم يقبل التهنئة، فأمّا إذا هُنئ فسكت، [فليس له أن ينفيه بعد ذلك، إلا أنه روي عن محمد أنه إذا هنئ بولد الأمة فسكت] (٤) لم يكن قبولاً.

بخلاف ولد المنكوحة؛ لأنّ ولد الأمة غير ثابت النّسب منه، فالحاجة إلى الدّعوة والسّكوت ليس بدعوة وأمّا نسب ولد المنكوحة ثابت منه، فسكوته يكون مسقطًا حقّه في النّفي، كذا في «المبسوط» (٥).

وأمّا الذي ذكره في الكتاب في صورة الغائب بقوله: ثم قدم يعتبر المدة التي ذكرناها على الأصلين هو رواية الإيضاح فقال: وعلى هذا الأصل قالوا في الغائب عن امرأته: إذا ولدت ولم يعلم بالولادة حتّى قدم أنّ له النفي عند أبي حنيفة -رحمه الله- في مقدار ما يقبل فيه التهنئة، وقالا في مقدار مدّة النفاس بعد القدوم؛ لأنّ النّسب لا يلزم إلا بعد العلم به، فصارت حالة القدوم كحالة الولادة والإقرار بالعفة سابق على القذف.

هذا جواب سؤال مقدّر، وهو أن يقال: ينبغي أن يجب عليه الحدّ؛ لأنّه أكذب نفسه بعد القذف؛ لأنّ الإقرار الأوّل بثبوت النسب باق بعد نفي الثاني، فيعتبر قيام الإقرار بعد القذف بابتداء الإقرار، ولو وجد الإقرار بعد النفي يثبت الإكذاب ويجب الحدّ فكذا هنا.


(١) ينظر: المرجع السابق.
(٢) الْعَقِيقَة أَصله الشّعْر الَّذِي يكون على رَأس الصَّبِي حِين يُولد، وَإِنَّمَا سميت الشَّاة الَّتِي تذبح عَنهُ فِي تِلْكَ الْحَال عقيقة لِأَنَّهُ يحلق عَنهُ ذَلِك الشّعْر عِنْد الذّبْح. ينظر: (غريب الحديث للقاسم بن سلام ٢/ ٢٨٤).
(٣) فَصَلَتْ الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَصْلًا أي: فَطَمَتْهُ، وَالِاسْمُ الْفِصَالُ بِالْكَسْرِ وَهَذَا زَمَانُ فِصَالِهِ كَمَا يُقَالُ زَمَانُ فِطَامِهِ. (المصباح المنير ٢/ ٤٧٤)
(٤) سقطت من (أ).
(٥) المبسوط للسرخسي (٧/ ٥٢).