للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الزنا يعني أن تزني فتخرج لإقامة الحدّ عليها قاله ابن مسعود -رضي الله عنه-، وبه أخذ أبو يوسف (١).

وقال ابن عباس -رضي الله عنه- الفاحشة: نشوزها وأن تكون بذيّة اللسان تَبْذُو عَلَى أَحْمَاءِ (٢) زَوْجِهَا.

وما قاله ابن مسعود أصحّ؛ لأنّ إلا أن غاية والشيء لا يجعل غاية لنفسه وما ذكره إبراهيم محتمل -أيضاً-.

وأمّا المتوفى عنها زوجها فلها أن تخرج بالنهار لحوائجها، ولكنّها لا تثبت في غير منزلها لما روي أن فريعة بنت مالك بن أبي سنان (٣) أخت أبي سعيد الخدري (٤) -رضي الله عنه- جاءت إلى رسول الله -عليه السلام- بعد وفاة زوجها تستأذنه أن تعتدّ في بني خُدْرَةَ فقال: «امكثي في بيتك حتى تنقضي عدتك» (٥)، ولم ينكر عليها خروجها للاستفتاء كذا في «المبسوط» (٦).

وقال -عليه السلام- للتي قُتل زوجها -وهي فريعة أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما في رواية «مبسوط فخر الإسلام» رحمه الله-: لما قُتل زوجها جاءت إلى رسول الله -عليه السلام- استأذنت أن تعتد في بني خُدْرَةَ لا في بيت زوجها، فأذن لها رسول الله -عليه السلام- فلما خرجت من عند رسول الله -عليه السلام- دعاها فقال لها: «أعيدي المسألة» فأعادت فقال لها: «لا حتى يبلغ الكتاب أجله» (٧)، أي الذي كُتب عليها وهو العدة، يعني لا تخرجي حتّى تنقضي عدتك ولا تجد ما تؤديه، أي فحينئذٍ كان لها أن تخرج كالمسافر إذا وجد الماء بثمن مثله، فإن كان عنده الثمن فليس له أن يتيمم، وإن لم يكن عنده الثمن فله أن يتيمم.


(١) ينظر: المرجع السابق.
(٢) حمو المرأة وحموها وحمها وحماها، أبو زوجها أو أخو زوجها، وكذلك من كان من قبل الزوج من ذوي قرابته فهم أحماء المرأة، وحماة المرأة أم زوجها، وحكى النووي إجماع أهل اللغة على ذلك. ينظر: طرح التثريب في شرح التقريب (٧/ ٤١).
(٣) فريعة بنت مالك بن سنان، أخت أبي سعيد الخدري، ويقال لها: الفارعة أيضًا، شهدت بيعة الرضوان، وأمها حبيبة بنت عبد الله بن أبى بن سلول. ينظر: أسد الغابة (٦/ ٢٣٥).
(٤) سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج، وأخو أبي سعيد لأمه هو: قتادة بن النعمان الظفري، أحد البدريين، استشهد أبوه مالك يوم أحد، وشهد أبو سعيد الخندق، وبيعة الرضوان، وحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم - فأكثر، وأطاب، وعن: أبي بكر، وعمر، وطائفة، وكان أحد الفقهاء المجتهدين. ينظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ١٦٨).
(٥) رواه النسائي في الصغرى، كتاب الطلاق، باب مقام المتوفى عنها زوجها حتى تحل (٣٥٣٠)، والترمذي في سننه، أبواب الطلاق واللعان، باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها، (١٢٠٤)، وقال: هذا حديث حسن صحيح (٢/ ٥٠١)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الطلاق رقم (٢٨٣٢)، وأيضاً برقم (٢٨٣٣)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد من الوجهين جميعاً ولم يخرجاه" (٢/ ٢٢٦).
(٦) المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٢).
(٧) التخريج السابق.