للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (١).

التعريض أن يذكر شيئاً يدل به على شيء لم يذكره، كما يقول المحتاج إلى المحتاج إليه: جئتك لأسلّم عليك، ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا: وجئتك بالتسليم تقاضياً والكتابة ذكر الرديف فإرادة المردوف، كقولك فلان: طويل النجاد وكثير الرماد، يعني أنه طويل القامة ومضياف، والتعريض في الخطبة أن يقول: إنك لجميلة ومن غرضي أن أتزوّج، أو اكتفيتم في أنفسكم، أي سترتم في قلوبكم، فلم تذكروه بألسنتكم، لا معرّضين ولا مصرّحين.

والمستدرك بقوله: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ} (٢) محذوف تقديره علم الله أنكم ستذكرونهن، فاذكرونهن ولكن آية {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} أي: وطئاً؛ لأنّه مما يسرّ إلا أن يقولوا قولاً معروفاً، وهو أن تعرّضوا ولا تصرّحوا والاستثناء يتعلّق بلا تواعدوهن، أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا معروفة كذا في «الكشاف» (٣).

(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَبْتُوتَةِ) إلى آخره ولا ينبغي للمطلّقة أن تخرج من المسكن الذي كانت فيه وقت المفارقة أيّ مطلقة كانت.

إلا إذا اضطرّت نحو أن خافت سقوطه أو تقاد على نفسها أو مالها أو أخرجها أهل المنزل، بأن كانت تسكن بكراء (٤)، وكان زوجها غائباً وأخذها أهل المنزل بالأجرة، فينبغي أن تُعطي الأجر وتسكن، إلا أن لا تقدر على الأجرة، وإن كانت في غير ذلك المنزل زائدة كان عليها أن تعود إليه من غير تأخير.

وكذا لو كان الزّوج معها، كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله-.

قِيلَ الْفَاحِشَةُ نَفْسُ الْخُرُوجِ، قاله إبراهيم النخعي (٥) -رحمه الله-، وبه أخذ أبو حنيفة -رحمه الله-، فكان معناه إلا أن يكون خروجها فاحشة، كما يقال: لا يسب النبي إلا أن يكون كافراً، ولا يزني إلا أن يكون فاسقاً (٦).


(١) سورة البقرة، الآية (٢٣٥).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٣٥).
(٣) تفسير الزمخشري (١/ ٢٨٤).
(٤) الكراء: الأجرة. ينظر: لسان العرب (٤/ ١٠).
(٥) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران النخعي، من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية وحفظا للحديث، من أهل الكوفة، قال فيه الصلاح الصفدي: فقيه العراق، كان إماما مجتهدا له مذهب، مات مختفيا من الحجاج سنة ست وقيل خمس وتسعين للهجرة، ولما بلغ الشعبيّ موته قال: والله ما ترك بعده مثله.
انظر: وفيات الأعيان (١/ ٢٥)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٢٠)، الأعلام للزركلي (١/ ٨٠).
(٦) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٣٦).