للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الجامع الصّغير» لقاضي خان -رحمه الله-: فإن قيل: إذا جاءت بالولد لستة أشهر من وقت التزوّج ينبغي أن لا يثبت النّسب؛ لأنّه كما تزوّج يقع الطّلاق، فهذا نكاح لا يتصوّر فيه الوطء والإعلاق وبدون ذلك لا يثبت النّسب (١).

ألا ترى أن امرأة الصبي لو جاءت بولد لا يثبت النّسب.

قلنا: القياس كذلك وهو قول زفر وقول محمّد الأول (٢).

وفي الاستحسان -وهو قول محمد الآخر- يثبت النّسب؛ لأن النسب يحتاط فيه ويمكن إثباته من هذا الزّوج، بأن يجعل كأنّه تزوّجها وهو على بطنها يخالطها، والنّاس يسمعون كلامهما فيكون العلوق حاصلاً بعد تمام النكاح مقارنًا للطّلاق؛ لأنّ الطّلاق لا يقع إلا بعد تمام الشّرط وزوال الفراش حكم الطّلاق فيكون العلوق حاصلاً قبل زوال الفراش ضرورة، فثبت النّسب، وهذا وإن كان نادراً إلا أن النّسب يحتاط فيه فيجب بناؤه على هذا القادر (٣).

وحاصله أنّها إذا جاءت به لأقلّ من ستةّ أشهر من حين تزوّجها لا يثبت النّسب؛ لأنّ علوق هذا الولد كان سابقاً على النكاح قبل ثبوت الفراش، فلا يكون فيه وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لا يثبت النّسب -أيضاً-؛ لأنّه حين طلقها حكمنا أنّه لا عدة عليها، لأنّها مطلّقة قبل الدخول والخلوة، ولم ينتقض ببطلان هذا الحكم لاحتمال أنّها علقت من زوج آخر بعد الطّلاق، بخلاف ما إذا جاءت به لستة أشهر من وقت التزوّج فقد جاءت بالولد لأقلّ من ستة أشهر من وقت الطّلاق فيتقيا بقيام الولد في البطن وقت الطّلاق، فبعد ذلك أمّا أن يكون منه أو من غيره، فجعلنا العلوق منه احتياطاً لأمر النّسب؛ إذ لو جعلنا هذا من علوق قبل النكاح من زوج آخر وذلك الزّوج ليس بمعلوم، كان فيه إضاعة الولد، وإبطال النكاح الجائز، والطّلاق الواقع من حيث الظّاهر، وإحالة الولد إلى أبعد الأوقات، وذلك لا يجوز فجعلناه منه.

وذكر فخر الإسلام -رحمه الله- أنّ هذه المسألة من الخواص، أي من خواص مسائل الجامع [الصغير] (٤).

ثم قال المراد من قوله: يَوْمِ تَزَوَّجَهَا، حين تزوّجها وعليه المهر.

وفي القياس وهو رواية عن أبي يوسف -رحمه الله- ونصف مهر.

أمّا النصف للطلاق قبل الدّخول، وأمّا المهر فبالدخول، وذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله-، وعن نصير -رحمه الله- تزوج امرأة وفي حال وطأها فعليه مهران، مهر بالزنى؛ لأنّه يسقط الحلّ حين تزوجها قبل تمامه، ومهر بالنكاح؛ لأن هذا أكثر من الخلوة (٥).


(١) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٧/ ١٥٦).
(٢) ينظر: المرجع السابق.
(٣) ينظر: المرجع السابق.
(٤) سقطت من (أ).
(٥) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ١٤٢).