للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المنتقى» لا يكون به محصنًا، وفي شرح أبي اليسر -رحمه الله-إن تزوّجت فلانة فهي طالق ثلاثاً، فتزوّجها ودخل بها، ينبغي أن لا يجب عليها الحدّ، ويجب المهر، وقالوا: يجب عليهما، قال: قد كنت أفتيت بالوجوب على الحالف، وهو الظّاهر من مذهب أصحابنا من مال إليه لم يكن مخطأً (١).

وفي جمع النسفي: ولو جاءت بولد فإنّه يرثه، وهو منصوص عن أصحابنا، وإن حرمت عليه بالثلاث فلم يبق نكاح ولا عدّة، ولكن لما كان فصلاً مجتهدًا فيه لم ينقطع النّسب.

ويحتمل بعده فلا يصير مراجعًا بالشك.

فإن قيل: ينبغي أن يصير مراجعًا؛ لأنّ الوطء ههنا حلال فأحيل العلوق إلى أقرب الأوقات وهي حالة العدّة، فيثبت به المراجعة.

قلنا: في ذلك يحل أمره على خلاف السنة؛ لأنّه يصير مراجعًا لها بدون الإشهاد بالفعل، فأحيل العلوق إلى ما قبل الطلاق صيانة لحاله، كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٢) (٣).

فإن قيل: أين ذهب قولكم أن العلوق حادث والأصل في الحوادث أن يحال بحدوثها على أقرب الأوقات فقد وقعتم ههنا في الذي أبيتم؟ قلنا: الجواب ما أسلفناه أنّ الحوادث إنّما تحال على أقرب الأوقات إذا لم يتضمن إبطال حكم ثابت أو ترك العمل بالمقتضي، وهنا يتضمن ترك العمل بالمقتضي؛ لأنّ الطّلاق الرجعي يقتضي البينونة عند انقضاء العدة، وهذا المقتضي يترك على تقدير الرجعة، وهذا كلّه إذا لم يقر بانقضاء العدّة.

أمّا إذا أقرّت بانقضاء العدّة بعد الطّلاق البائن أو الرجعي في هذه يصلح لثلاثة أقراء، والمدّة التي تصلح لذلك عند أبي حنيفة -رحمه الله- ستون يومًا (٤) وعندهما تسعة وثلاثون يومًا (٥).

فإن ولدت لأقلّ من ستة أشهر من وقت الإقرار يثبت النّسب، لتيقننا ببطلان الإقرار، وكذلك المتوفّى عنها زوجها إذا أقرّت بانقضاء العدّة بعد انقضاء أربعة أشهر وعشر فهو على هذا التّفصيل، وإن لم تُقِرّ يثبت نسبها إلى سنتين؛ لأنّ عدّة الوفاة محتملة بانقضاء أربعة أشهر وبوضع الحمل، وقد ذكرنا أنّ آية الحمل قاضية على آية الأشهر، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٦).


(١) ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ١٦٢)، مجمع الضمانات (ص: ٣٤٨).
(٢) هو كتاب المَبْسُوط لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ -رحمه الله-، ويطلق عليه الأصل عند الأحناف، وهو مطبع في خمس مجلدات، بتحقيق أبو الوفا الأفغاني، طبعته إدارة القرآن والعلوم الإسلامية في كراتشي.
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٦٣٢)، العناية شرح الهداية (٤/ ٣٥١).
(٤) ينظر: النتف في الفتاوى للسغدي (١/ ٣٣٤).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (٣/ ٢٠٠).
(٦) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٣/ ٢١٣)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٤٠).