للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكذلك إذا استحق النظرة شرعًا، إلا أنّ المستحق بالنّص التأخير، فلا يلحق به ما يكون إبطالاً؛ لأنّ ذلك فوق المنصوص.

وفي حق المملوك يكون إبطالاً؛ لأنّه لا يثبت للمملوك على مولاه دين، فأمّا في حق الزّوجة فيكون تأخيراً، وبهذا يتبيّن أنّه غير عاجز عن معروف يليق بحاله، وهو الالتزام في الذمة مع أنّ التسريح (١) طلاق.

وعند الشافعي -رحمه الله- المستحق ههنا الفسخ بسبب العيب (٢)، حتى إذا فرّق بينهما لم يكن طلاقاً كذا في «المبسوط» (٣).

وقوله الْمَالِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي النِّكَاحِ لَا يَلْحَقُ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ، للفرق بين هذا وبين ما ذكره من الجُبّ والعُنّة، أي العجز عن النفقة إنّما يكون فيما هو تابع، وهو المال، والعجز عن الوصول إلى المرأة بسبب الجُبّ والعُنّة إنّما يكون فيما هو المقصود وهو التوالد والتناسل، لما أنّ بناء النكاح لأجل هذا المقصود، فلم يلزم من استحقاق الفرقة بالعجز عن اتّصال سبب المقصود لزوم استحقاق الفرقة بالعجز عن اتصال التابع في باب النكاح، بل يثبت لفوت المقصود، ولا يثبت لفوت التّابع لظهور الفرق بينهما.

أَنْ يُمَكِّنَهَا إحَالَةَ الْغَرِيمِ عَلَى الزَّوْجِ، أي وإن لم يرض الزوج.

وفي «التحفة» وفائدة الأمر بالاستدانة أن لصاحب الدّين أن يأخذ دينه من الزّوج، كما له أن يأخذ من المستدينة، وما قضى به تقدير لنفقة لم يجب، لما أنّ النفقة تجب شيئاً فشيئاً فيعتبر حالة في كلّ وقت، وكما لا يستأنف القضاء بنفقة المعسر بعد اليسار، فكذلك لا يستديم ذلك القضاء، وقد كان القضاء عليه بنفقة المعسر بعذر العسرة، فإذا زال العُسر بطل ذلك، كمن شرع في صوم الكفّارة للعسرة، ثم أيسر كان عليه التكفير بالمال، كذا في «المبسوط» (٤).

وطالبته بذلك فلا شيء لها، وعلى قول الشافعي -رحمه الله- يقضي لها بما لم تستوف من النفقات الماضية (٥)، وأصل المسألة أن النفقة لا تصير دينًا إلا بقضاء القاضي، أو التراض عندنا، وعند الشافعي -رحمه الله- يصير دينًا؛ لأنّ وجوبها بالعقد فلا يحتاج إلى القضاء أو الرضاء في صيرورتها دينًا بعد العقد كالمهر؛ لأنّ النفقة صلة.


(١) التَّسْرِيحُ في الطّلاق، نحو قوله تعالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة/ ٢٢٩]، وقوله: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب/ ٤٩]، مستعار من تَسْرِيحِ الإبل.
(٢) ينظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٧/ ٢١٢).
(٣) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٩١).
(٤) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٨٦).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير (٦/ ٤٥٢).