للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَشُرِطَ الْفَقْرُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَا مَالٍ، فَإِيجَابُ نَفَقَتِهِ فِي مَالِهِ، وذكر شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- في شرح أدب القاضي للخصاف أن الأب إذا كان كسوباً [والابن أيضاً كسوباً] (١) يجبر الابن على الكسب والنّفقة على الأب.

وذكر شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله- (٢) في شرح أدب القاضي للخصّاف: أنّه لا يجبر الابن على نفقة الأب إذا كان الأب قادرًا على الكسب، واعتبره بذي الرحم المحرم، فإنّه لا يستحق النفقة في كسب قريبه ولا على قريبه الموسر إذا كان هو كسوباً؛ وهذا لأنّ استحقاق النفقة على الأقارب عند الفقر والحاجة، فإذا كان قادراً على الكسب [كان غنياً باعتبار الكسب] (٣)، فلا ضرورة إلى إيجاب النفقة على الغير، ثم على ما ذكره شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- يحتاج إلى الفرق بين [٣٩٢/ ب] نفقة الولد وبين نفقة الوالد، فإنّ الولد إذا كان بالغًا وهو قادر على الكسب لا يجب على الأب نفقته، والفرق [هو] (٤) أن استحقاق نفقة الأقارب باعتبار الحاجة، وللأب زيادة فضيلة على الولد في الاستحقاق باعتبار الحاجة، أيّ حاجة كانت ضروريّة أو غير ضروريّة، ألا ترى أنّ الاب يستحق استيلاد جارية الولد، والولد لا يستحق استيلاد جارية الأب، ثم لو شرط ههنا عجز الأب عن الكسب لاستحقاق النّفقة على الابن، كما شرط في حق الأب لوقعت المساواة بينهما في الاستحقاق بسبب الحاجة، وهذا ممّا لا سبيل إليه.

فالحاصل أن في نفقة الوالدين يعتبر الفقر لا غير، على ما هو ظاهر الرواية إلا على قول شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله- كذا في «الذخيرة» (٥).

لِأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِرْثِ بِالنَّصِّ، وهو قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (٦) والإرث لا يجري بين المسلم والكافر، فلا تجب نفقة الكافر؛ لأنّ النفقة بناء على الإرث.

وأمّا العتق فمبني على القرابة المحرّمة للقطع، وهي ذو الرحم المحرّم بالحديث، وهو قوله: «من ملك ذا رحم محرم يعتق عليه» (٧).

والمعنى هو أنّ القطيعة في ملك اليمين أعلى، أي: أقطع للرحم فكان لإزالته طريقان عند الملك اتحاد الملة، وعدم اتحاد الملّة لإزالة قطع الرحم الأدنى طريق واحد وهو القرابة مع اتحاد الملة، إظهاراً لانحطاط رتبته عن الأعلى.


(١) سقطت من (ب).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٧٨).
(٣) سقطت من (ب).
(٤) سقطت من (ب).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٧٨)
(٦) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٧) سبق تخريجه.