للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف الأم وسائر الأقارب، فإنّه لم يكن لهم ولاية حفظ المال فلهذا لم يجز منهم بيع العروض، كذا في «المبسوط» (١) و «الذخيرة» (٢).

ثم ذكر في «الذخيرة» (٣) فقال: ثم ذكر ههنا أن الأب يملك بيع منقول ابنه الكبير الغائب والأمّ لا تملك، وذكر في الأقضية جواز بيع الأبوين، وهكذا ذكر القدوري في شرحه، فإنّه أضاف البيع إليهما.

فأمّا أن يكون في المسألة روايتان، وفي رواية الأقضية والقدوري (٤) تملك الأمّ البيع كالأب؛ لأنّ معنى الولادة يجمعها، وهما في استحقاق النفقة على السّواء، وأين كانت المسألة على الاتفاق بأنّ الأمّ لا تملك، فتأويل ما ذكر في الأقضية والقدوري أنّ الأب هو الذي يبيع، لكن لمنفعتها فأضاف البيع إليهما من حيث أن منفعة البيع بعده إليهما، وهو الظّاهر بأن الأم لا تملك، ولكن بعدما باع الأب فالثمن يصرف إليهما في نفقتهما.

قوله -رحمه الله-: (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْقَاضِي في الِاسْتِدَانَةِ) استثناء من قوله: (فَمَضَتْ مُدَّةٌ سَقَطَتْ)، أي: في إذن القاضي بالاستدانة، أي لا يسقط نفقة من دين الاستدانة وإن كانت الاستدانة في نفقة ذوي الأرحام، قلت: كما ذكر الفرق هنا بين نفقة الزوجة وبين نفقة ذوي الأرحام، حيث لا تسقط نفقة الزوجة فيما مضى بعد قضاء القاضي بها، وتسقط نفقة ذوي الأرحام، كذلك ذكر الفرق بينهما في «الذخيرة» (٥) من وجه آخر في موضعين:

أحدهما: هو أنّ القاضي إذا فرض للمرأة عشرة دراهم نفقة شهر، فمضى الشهر وقد بقي من العشرة شيء، حيث يفرض لها القاضي عشرة أخرى، ولو كان مثل هذا في الأقارب بأن بقي شيء من الدّراهم، ومضت المدة لا يقضي أخرى، والفرق أن نفقة الأقارب إنّما تستحق باعتبار الحاجة، وما بقي شيء من الدّراهم لا يحتاج إلى الأخرى، أمّا نفقة المرأة إنما تستحق عوضاً عن الاحتباس في بيت الزّوج من وجه، والقاضي إنّما جعل هذا المال عوضاً عن احتباس مقدّر، وقد انقضى ذلك فجاء احتباس آخر لم تأخذ بإزائه عوضاً فيقضي لها بأخرى.

والثاني: وهو أنّ القاضي إذا فرض للمرأة الكسوة والنّفقة لوقت مقدّر، فهلكت الكسوة أو النّفقة أو سرقت أو خرقت الكسوة أو أكلت النفقة قبل الوقت، ليس عليه أن يكسوها وينفق عليها أخرى.


(١) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٢٦).
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٧٤).
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٧٤).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٤٢٤).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٣٥).