واشتراط بدل العتق على غير المعتق لا يجوز.
فإن قلت: سلّمنا أنّ اشتراطه على غير المعتق لا يجوز، لكن ينبغي أن يتوقّف العتق إلى أن يبلغ الحمل إلى حد يكون من أهل القبول، وهو أن يكون عاقلاً يعقل العقد، كما مرّ في خلع الضفرة، فقال فيه: وإن شرط الألف عليها توقّف على قبولها إن كانت من أهل القبول بأن كانت عاقلة تعقل العقد.
قلت: ذلك في صريح الشّرط.
وأمّا ههنا فالمسألة مذكورة تكملة على فكان ذكر المال ههنا وصفاً للإعتاق، فلا يلزم من بطلان الوصف بطلان الأصل، فيثبت العتق ولا يجب المال، كما في طلاق الصّغيرة على مال.
قوله: عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ، هذه حوالة غير رابحة، ثم يحتمل أن يكون مراده أي مرّ في مسألة خلع «الجامع الصّغير» فإن في شروح «الجامع الصّغير» (١) في الخلع فرق بين وجوب المال على الأجنبي في الخلع، وبين وجوب المال على الأجنبي في الإعتاق، حيث يصحّ في الخلع ولا يصحّ في الإعتاق.
وذلك لمعنى؛ وهو أنّ الأجنبي في الخلع في معنى المرأة من حيث أنه لا يحصل لكلّ واحد منهما شيء بمقابلة المال، فلمّا جاز التزام المال في حق المرأة برضاها مع أنّه لا يحصل لها شيء، كذلك يجوز في حق الأجنبي لما أنّ البضع ليس بمتقوّم حال الخروج.
بخلاف الإعتاق فإن رقبة العبد متقوّمة في الدّخول والخروج، [٣٩٩/ ب] وفي الإعتاق يثبت له القوة الحكميّة التي لم يكن قبل الإعتاق، فلما حصل للعبد بمقابلة المال شيء لم يجز وجوب المال على الأجنبي بمقابلة ما يحصل للعبد من القوّة الحكميّة بالإعتاق؛ لأنّه حينئذ يكون في معنى مشتر يشتري بشرط أن يكون الثمن على الأجنبي، وذلك لا يصحّ هكذا هذا، وولدها من زوجها مملوك لسيّدها، لما أنّ الأوصاف القادة الشرعية في الأمّهات تسري إلى الأولاد وذلك لمعان:
أحدها: أنا نتيقّن بأنّه مخلوقين مائها ولم يتيقن كونه مخلوقاً من ماء زوجها الحر، ويحتمل أنّه من ماء عبد وما قلناه الولد للفراش فهو حكميّ لا حقيقي، وفي الأمّ حقيقي وحكمي فكان ماء الأم أولى بالاختيار.
والثّاني: أن ماءه يستهلك بمائها؛ لأنّ مائها في موضعه ويزداد قوّة منها لأمنه.
والثالث: أن جانبها ترجح بواسطة الحصانة والتّربية على ما ذكر في الكتاب.
والرّابع: أنّ الولد مادام مجتنى في رحم المرأة فهو بمنزلة عضو من أعضائها كيدها ورجلها إلى أن ينفصل حسًا وشرعًا، أما حسًّا فإنّه يتنفس بنفسها ويتنقل بانتقالها حتّى تقرض بالمقراض عند انفصاله منها.
(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٤٥٥).