للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فإن مات المولى على الصِّفة التي ذكرها، عتق كما يعتق المدبّر)، (وإن برأ من مرضه أو رجع من سفره ثم مات لم يعتق؛ لأنّ الشّرط الذي علّق به العتق قد انعدم) كذا في المبسوط (١).

قوله: بخلاف ما إذا قال إلى مائة سنة ومثله لا يعيش إليه في الغالب أي يصير مدبّرًا هذا الذي ذكره موافق لرواية الإيضاح ومخالف لرواية فتاوى قاضي خان -رحمه الله- (٢).

فقال في الإيضاح (٣): ولو قال إن مت إلى مائة سنة ومثله لا يعيش إلى ذلك الوقت في الغالب فهو مدبّر؛ لأن ذلك الموت كالكائن لا محالة، وفي فتاوى قاضي خان -رحمه الله- (٤) رجل قال لعبده إن مت إلى مائتي سنة فأنت حرّ قال أبو يوسف -رحمه الله- هو مدبّر مقيّد، وقال الحسن بن زياد هو مدبّر مطلق (٥) لأنّ على قول أصحابنا -رحمهم الله- إذا ذكر وقتًا طويلًا يعيش إلى تلك المدّة، أو لا يعيش يعتبر الوقت، ولا يكون ذكر هذا الوقت بمنزلة التأبيد، وعلى قول الحسن إن ذكر وقتًا لا يعيش إليه يكون ذكر الوقت للتأبيد، والعمر أصله ما عرف في كتاب النكاح إذا تزوّج امرأة إلى وقت يكون متعة عندنا طالت المدّة أو قصرت، وعلى قول الحسن إن كانا ذكرا وقتًا لا يعيشان إليه لا يكون متعة، ثم قال: صحيحٌ قال لعبده أنت حر قبل موتي بشهر ثمّ مات بعد شهر قال بعضهم (يعتق من ثلث ماله)، وقال بعضهم يعتق من جميع المال وهو الصّحيح؛ لأن على قول أبي حنيفة -رحمه الله- يستند العتق إلى أول الشّهر قبل الموت، وهو كان صحيحًا في ذلك الوقت، ثم على رواية الكتاب والإيضاح أنّه لو مات قبل المائة أو بعد المائة يعتق عتق المدبرة (٦) فيما إذا قال إن مت إلى سنة أو عشر سنين.

لو مات قبل السنة في الأوّل أو قبل عشر سنين في الثّاني يعتق، ولو مات بعدهما لا يعتق؛ لأنّه لم يوجد الشّرط في المدبّر المقيد. والله أعلم.


(١) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٨١).
(٢) انظر: البحر الرائق (٤/ ٢٩٠).
(٣) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٠٠).
(٤) المحيط البرهاني (٤/ ٦٦).
(٥) لا يجوز بيعه، لأنه علم أنه لا يعيش إلى تلك المدة، فصار كأنه قال: إذا مت فأنت حر.
انظر: البناية (٦/ ٩٢).
(٦) " المدبرة " في (ب) المدبر.