للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحشفة: ما فوق الختان من الذكر.

فالحاصل أن الجنابة إنما تثبت بشيئين لا غير:

«أحدهما: انفصال المني عن شهوة.

والثاني: الإيلاج في الآدمي». نص على هذا في «المحيط» (١).

وفيه أيضًا: ولو أتى امرأته وهي بكر فلا غسل ما لم ينزل؛ لأن ببقاء البكارة يعلم أنه لم يوجد الإيلاج، ولكن إذا جومعت البكر فيما دون الفرج فحبلت فعليها الغسل لوجود الإنزال؛ لأنه لا حبل بدونه، وإنزالها يوجب الغسل لما روينا في حديث اللذة (٢).

ثم قوله: (من غير إنزال). لرد قول من يشترط الإنزال مع التقاء الختانين لا للشرط؛ لأن أحدهما إذا كان كافيًا لإيجاب الغسل كان عند انضمامهما أولى، وذكر في «المبسوط» (٣): «وإذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل. وهو قول المهاجرين عمر وعلي وابن مسعود -رضي الله عنهم-، فأما الأنصار كأبي بن كعب وحذيفة وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم- قالوا: لا يجب الاغتسال بالإكسال ما لم ينزل. وبه أخذ سليمان الأعمش (٤) (٥) لظاهر قوله -عليه السلام-: «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» (٦).

ولنا: أن النبي -عليه السلام- قال: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» (٧).


(١) انظر: المحيط البرهاني (١/ ٨٢).
(٢) حديث أم سليم -رضي الله عنها- السابق (ص ٢٠٢).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٦٨، ٦٩) باب الوضوء والغسل.
(٤) في (ب): «سلمان والأعمش» ولعله تصحيف من الناسخ.
(٥) سليمان بن مهران الأسدي الكوفي الأعمش، ثقة، حافظ، من صغار التابعين، (ت ١٤٧ هـ)، تهذيب التهذيب (٤/ ٢٢٢) (٣٧٦)، وسير أعلام النبلاء (٦/ ٢٢٦) (١١٠) والوافي بالوفيات (١٥/ ٤٢٩) (٥٨٣).
(٦) سبق تخريجه (ص ٢٠١).
(٧) رواه ابن ماجة (١/ ٢٠٠) برقم (٦١١) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وهو ضعيف لضعف حجاج ابن أرطأة، وأخرج مسلم في معنى الحديث: (٤/ ٤٢) من شرح النووي عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: «أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ هَلْ عَلَيْهِ مِنْ غُسْلٍ؟ وَعَائِشَةٌ جَالِسَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّى لأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ».