للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما ذكر في الكتاب من تفسير اللغو مرويّ عن زرارة بن أبي أوفى (١)، وعن ابن عبّاس في إحدى الروايتين، وروي عن محمّد قال هو قول الرجل في كلامه لا والله وبلى والله وهو قريب من قول الشّافعي (٢) -رحمه الله- فإن عنده اللغو ما يجري على اللّسان من غير قصد في الماضي كان أو في المستقبل، وهو إحدى الروايتين عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، (وعائشة -رضي الله عنها- روت عن رسول الله -رحمه الله- أنّه قال في تفسير اللغو: «لا والله وبلى والله» (٣).

وتأويله عندنا فيما يكون خبرًا عن الماضي؛ فإن اللّغو ما يكون خاليًا عن الفائدة والخبر في الماضي خال عن فائدة اليمين على ما قرّرنا وكان لغواً، وأمّا في الخبر في المستقبل فعدم القصد لا يُعدم فائدة اليمين وقد ورد الشّرع بأنّ الهزل والجدّ/ في اليمين سواء) كذا في المبسوط (٤) الناسي في اليمين أن يذهب عن التلفظ باليمين، ثم يتذكر أنّه تلفظ بلفظ اليمين ناسيًا، بأن يقول لغيره ألا تأتينا فيقول بلى والله غير قاصد لليمين.

[٤٢١/ أ] وفي بعض النسخ ذكر الخاطئ مكان النّاسي، وهو أن يريد أن يُسَبَّح فجرى على لسانه اليمين كذا في التقويم والشّافعي -رحمه الله- (٥) يخالفنا في ذلك أي في المكره (٦) والنّاسي فيقول لا تجب الكفارة فيهما. ولو كانت الحكمة رفع الذنب، هذا جواب سؤال مقدّر وهو أن يقال الكفّارة شرعت لأجل ستر الذّنب؛ ولا ذنب في المجنون ينبغي أن لا تجب الكفّارة إذا أتى المحلوف عليه حالة الجنون؟.


(١) هو زرارة بن أبي أوفى قاضي البصرة وكان يؤم في بني قشير، فقرأ يوما في صلاة الصبح قوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير) فخر ميتا. له صحبة. ومات في زمن عثمان، وقيل تابعيّ معروف ثقة. انظر: تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (١٣/ ١٥١)، ومن رووه على انه (زارة بن أوفى) في: أسد الغابة ط العلمية (٢/ ٣١٣)، سير أعلام النبلاء ط الحديث (١٧/ ٣٠٠)، الإصابة (٢/ ٤٦٢)، الجرح والتعديل (٣/ ٦٠٣).
(٢) انظر: الأُم (٧/ ٦٦)، الحاوي الكبير (١٥/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
(٣) عن عائشة -رضي الله عنها-: " أُنزِلت هذه الآية: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} البقرة: ٢٢٥] في قَول الرَّجُلِ: لا والله وَبلى والله ". رواه البخاري (٦/ ٥٢)، كتاب تفسير القرآن، رقم (٦٥)، باب قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} رقم الحديث (٤٦١٣).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٣٠).
(٥) انظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب للسنيكي (٤/ ٢٧٢).
(٦) كرهت الشيء أكرهه كراهية: ضد احببته، وهو من حُمِل على أمر وهو له كاره.
انظر: الصحاح (٦/ ٢٢٤٧)، لسان العرب (١٣/ ٦٦٢)، (كره).