للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو كان فيها ذنب فهو متأخر أي لو كان في المعقودة ذنب وهو الحنث يهتك حرمة اسم الله تعالى فهو متأخّر عن وقت اليمين فيرفع اليمين إذا وجد.

وأمّا الذّنب في الغموس وهو هتك حرمة اسم الله تعالى فمقارن فيمنعها عن الانعقاد فكانت اليمين في الغموس غير منعقدة؛ فلما كان كذلك لم يلزم عن وجوب الكفارة في المنعقدة وجوبها في الغموس؛ وهذه النكتة إشارة إلى ما ذكره في المبسوط (١) بقوله: (فلأنّه قارَنَها ما يَحلُّها ولو طرأ عليها رفعَها فإذا قارنها منع انعقادها كالردّة والرضاع في النكاح بخلاف مَسِّ السَّمَاءِ ونحوه؛ فإنّه لم يُقَارِنْهَا ما يَحِلُّهَا؛ لأنّها عُقِدَت على أمر في المستقبل فما يَحِلُّهَا انعدام الفعل في المستقبل، ولهذا يتوقت ملك اليمين بالتّوقيت).

إلا أنّه علقّه بالرّجاء هذا جواب سؤال وذكر في المبسوط (٢) السؤال والجواب فقال:

(فإن قيل: فما معنى تعليق محمّد -رحمه الله- ففي المؤاخذة في هذا النّوع بالرجاء بقوله نرجو أن لا يؤخذ الله بها صاحبها، وعدم المؤاخذة في اليمين اللّغو منصوص وما عرف بالنّص فهو مقطوع به؟.

قلنا: نعم ولكن صورة تلك اليمين مُختَلفٌ فيها؛ فإنّما علق بالرجاء نفي المؤاخذة في اللغو بالضّرورة التي ذكرها؛ وذلك غير معلوم بالنصّ، مع أنّه لم يرد بذلك اللّفظ التعليق بالرّجاء إنّما أراد به التّعظيم والتبرك بذكر اسم الله تعالى كما مر، "ثمة" (٣) رُوي أنّ النبي -عليه السلام- كان إذا مرّ بالمقابر قال: «عليكم السلام ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» (٤) وما ذكر الاستثناء (٥) بمعنى الشك فإنّه كان يتيقّن بالموت قال الله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (٦) ولكن معنى ذكر الاستثناء ما ذكرنا) للاختلاف في تفسيره.


(١) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٢٨).
(٢) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٣٠).
(٣) "ثمة"سقط من (ب).
(٤) الحديث روي عن علي -رضي الله عنه- كان إذا أتى المقَابِر قال: «عَلَيْكُمْ السَّلَامُ دِيَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أَمَّا نِسَاؤُكُمْ فَقَدْ نُكِحَتْ وَأَمْوَالُكُمْ فَقَدْ قُسِمَتْ وَدِيَارُكُمْ فَقَدْ سُكِنَتْ فَهَذَا خَبَرُكُمْ عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُنَا عِنْدَكُمْ»
انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٥٧) «بهذا اللفظ»، المبسوط للسرخسي (٨/ ١٣٠).
ومن رواه عن علي ايضاً: في البناية شرح الهداية (٦/ ٢٤٤).
وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» صحيح مسلم (٢/ ٦٧١)، كتاب الجنائز، رقم (١١)، باب مَا يُقالُ عند دُخُولِ القُبُور والدُّعاء لأَهْلِها، رقم (٣٥)، رقم الحديث (٩٧٥) عن سُليمان بن بُرَيدة، عن أَبيه.
(٥) الاستثناء في اللغة: من الثني وهو الكف والردَّ، لأن الحالف إذا قال: والله لا أفعل كذا إلا أن يشاء الله غيرَهُ، فقد ردَّ ما قاله بمشيئة الله غيرهُ.
=انظر: لسان العرب (١٤/ ١٥٣ - ١٥٤)، مختار الصحاح (١/ ٥٠)، كلاهما (ثني).
وفي الشرع: هو بيان بإلاَّ أو أحد أخواتها أن ما بعدها لم يُرد بحكم الصَّدر. انظر: فتح القدير (٤/ ٤٥٩).
وايضاً: إخراج الشيء من الشيء؛ لولا الإخراج لوجب دخوله فيه، وهذا يتناول المتصل حقيقة وحكما، ويتناول المنفصل حكما فقط. انظر: التعريفات الفقهية (ص ٢٣).
(٦) سورة الزُّمَر آية: (٣٠).