للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما قوله -عليه السلام-: «أدّوا عن كلّ حر وعبد» (١).

والثّاني قوله -عليه السلام-: «أدّوا عن كلّ حر وعبد من المسلمين» (٢) ثم لم يحمل المطلق على المقيّد هناك حتّى أوجبنا صدقة الفطر عن العبد الكافر، وهذا لأنّ المطلق والمقيّد هناك في السّبب ولا منافاة بين الشيئين، فالتّقييد في أحد الحديثين لا يمنع بقاء حكم الإطلاق في الحديث الآخر بناء على أصلنا أنّ التعليق بالشّرط لا يقتضي ففي الحكم عند عدم الشرط وههنا المطلق والمقيّد في الحكم وهو الصّوم الواجب كفارة وبين التّتابع والتفرّق منافاة في حكم واحد فمن ضرورة ثبوت صفة التّتابع بقراءة ابن مسعود -رضي الله عنه- أن لا يبقى مطلقًا).

ثم المذكور في الكتاب في بيان أدنى الكسوة (٣) وهو قوله في أوّل الفصل: وأدناه ما يجوز فيه الصّلاة وهو كالسّراويل وهو مروي عن محمّد -رحمه الله-. وفي رواية أخرى عنه أنّه قال إن أعطى المرأة لا يجوز وإن أعطى الرجل يجوز؛ لأن المعتبر رد العري بقدر ما تجوز به الصّلاة؛ لأنّ ستر العورة فرض لا يجوز الصّلاة بدونه، أمّا ما زاد عليه فَضلٌ يَصِيرُ للتجمل أو للتدفؤ فلا يؤخذ عليه في الكسوة كما لا يُؤَاخَذُ عليه الإدام (٤) في الطّعام.

[٤٢٣/ ب] إذا ثبت هذا فنقول/ إذا أعطى الرجل سراويل فقد أعطاه ما يستر به عورته فإذا أعطاه المرأة فلم يعطها ما تستر به عورتها كذا في الذّخيرة (٥).

لكن ما لا يجزيه عن الكسوة يجزيه عن الطّعام. فإنّه لو أعطى كلّ مسكين نصف ثوب لم يجزه من الكسوة؛ لأن الاكتساء به لا يحصل ولكنّه يجزيه من الطّعام (٦) إذا كان نصف ثوب يساوي نصف صاع (٧) من حنطة وكذلك لو أعطى عشرة مساكين ثوبًا بينهم وهو ثوب كثير القيمة نصيب كل مسكين منهم أكثر من قيمة ثوب لَمْ يُجْزِهِ من الكسوة؛ لأنه لا يكتسى به كلّ واحد منهم ولكن يجزيه من الطّعام) كذا في المبسوط (٨).


(١) عن عبد الله بن ثَعْلَبَةَ قال: خطب رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- النَّاس قَبل الفِطرِ بيومٍ أو يومين فقال: «أَدُّوا صَاعًا مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ».
رواه الدار قطني في سننه (٣/ ٨٤)، كتاب زكاة الفطر، رقم (١٠)، رقم الحديث (٢١١٨)، السنن الصغير للبيهقي (٢/ ٦٤)، كتاب الزكاة، رقم (٥)، باب زكاة الفطر، رقم الحديث (١٢٢٥ - ١٢٢٧)، نصب الراية (٢/ ٤٠٦ - ٤١٢) كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، المبسوط للسرخسي (٨/ ١٤٤).
(٢) المصدر السابق.
(٣) الكُسْوَةُ: اللِّبَاسُ. انظر: لسان العرب (١٥/ ٢٢٣)، المغرب (١/ ٤٠٨)، كلاهما (كسى).
(٤) الإدامُ: ما يؤتدمُ به من الخُبز. انظر: لسان العرب (١٢/ ١٠)، مختار الصحاح (١/ ١٥)، كلاهما (أدم).
(٥) انظر: المحيط البرهاني (١/ ٢٨١).
(٦) " لو أعطى كلّ مسكين نصف ثوب لم يجزه من الكسوة؛ لأن الاكتساء به لا يحصل ولكنّه يجزيه من الطّعام " زيادة من (ب).
(٧) الصاعُ: مِكيالٌ لأَهل الْمَدِينَةِ يأْخذ أَربعة أَمدادٍ. وهو وصاعُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
انظر: لسان العرب (٨/ ٢١٥)، المصباح المنير (١/ ٣٥٠)، كلاهما (صوع).
(٨) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٥٣).