للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٢٩/ أ] قوله: إلا أنّه إذا كان عليه دين مستغرق لا يحنث وإن نوى، هذا استثناء من مقدر غير ملفوظ فإنه لما ذكر قبله (فركب دابةَ عبدٍ مأذونٍ لهُ مديونٍ أو غير مديونٍ لم يحنث) عند أبي حنيفة -رحمه الله- قدر فيه قوله هذا إذا لم ينو، وأمّا إذا نوى ركوب دابة العبد فيحنث حينئذ بركوب دابة العبد. إلا أنّه إذا كان عليه دين مستغرق لا يحنث، وإن نوى؛ لأنّه لا ملك للمولى فيه عنده. أي فيما ملكه عبده المديون حتّى/ لو أعتق المولى عبد عبده لا يعتق عند أبي حنيفة -رحمه الله-.

الحديث تمامه فما له لمولاه (١) وقال أبو يوسف -رحمه الله- في الوجوه كلّها يحنث إذا نواه المراد من الوجوه الأوجه الثلاثة وهي:

ما إذا لم يكن عليه دين أو دين غير مستغرق أو دين مستغرق. وقال محمّد -رحمه الله- يحنث أي في الوجوه كلّها وهي الوجوه الخمسة:

ما إذا لم يكن عليه دين أو كان عليه دين غير مستغرق أو دين مستغرق أو نواه أو لم ينوه. فوجه قول محمّد -رحمه الله- أنّه ركب دابة مملوكة للمولى فوجب أن يحنث؛ لأنّ العبد وما في يده ملك لمولاه على ما نطق به الحديث (٢)، وأبو يوسف -رحمه الله- وافق محمّدًا -رحمه الله- في أن دين العبد لا يمنع وقوع الملك للمولى في كسبه، ووافق أبا حنيفة -رحمه الله- في أن مكاسب العبد يمتنع دخولها تحت اليمين في إضافة الدّابة إلى المولى بلا نية ووجه ذلك أن دين العبد عنده لا يمنع وقوع الملك للمولى إلا أنّه يضاف إلى العبد أيضاً فلا يدخل تحت مطلق الإضافة الى المولى إلا بالنيّة. وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول فيما إذا كان الدين مستغرقًا أن الدّين بوصف الاستغراق يمنع ووقوع الملك للوارث والمولى كالوارث فيه؛ لأنّ المولى يحلف العبد في مكاسبه خلافة الوارث المورث؛ لأنّ حاجة العبد مقدّمة على حاجة المولى. ألا ترى أنّ حق العبد مقدّم على حق المولى في قضاء دينه، كما في الوارث مع المورث، وألا ترى أنّ حق العبد في مقدار النّفقة مقدّم على حقّ المولى، كما في الوارث مع المورث، والدّين بوصف الاستغراق مانع، ووقع الملك هنالك فيكون مانعًا وقوع الملك هنا وفيما إذا لم يستغرق فوجهه كما قيل في قول أبي يوسف -رحمه الله- كذا في الجامع الصّغير لقاضي خان -رحمه الله- والفوايد الظهيريّة (٣)


(١) قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ» لم أجده بهذا اللفظ الا في العناية (٥/ ١١٥).
عن سالم بن عبد الله، عن أَبِيهِ -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ» والحديث في صحيح البخاري (٣/ ١١٥)، كتاب المساقات، رقم (٤٢) باب الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ أَو شِربٌ فِي حَائِطٍ أَو فِي نَخلٍ، رقم الحديث (٢٣٧٩).
(٢) قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ» الحديث في المرجع السابق.
(٣) انظر: المحيط البرهاني (٩/ ٣٩٢).