للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أكل من سويقها لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- وكذلك قول محمّد -رحمه الله- فهما يحتاجان إلى الفرق بين الخبز والسويق، والفرق أنّ الحنطة متى ذكرت مقرونة بالأكل يراد بها الخبز دون السّويق، ولأنّ (من أصل أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله-، أنّ السويق جنس آخر غير جنس الدّقيق، ولهذا جوز بيع الدّقيق بالسّويق متفاضلًا، فما تناول ليس من جنس ما كان موجودًا في الحنطة التي عيّنها فلا يحنث، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- يمينه تناولت الحقيقة فلا يحنث بأكل السويق) كذا في المبسوط (١) والفوايد الظهيريّة (٢)

(ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة) فزرعها وأكل ما خرج منها لا يحنث، والمعنى ما ذكرنا كذا في الذّخيرة (٣). يقال: سفّ الدّواء والسّويق وكلّ شيء يابس أكله من باب لبس ويقال استفّ السّفوف بفتح السّين وهو كل دواء يؤخذ غير معجون وقيل السّفوف: دواء يوضع على كف ويؤكل من غير مضغ.

قوله: (ولو استّفه كما هو، لا يحنث) هو الصّحيح احتراز عن (قول بعض مشايخنا -رحمهم الله-، فإنهم يقولون أنّه يحنث؛ لأنّه أكل الدّقيق حقيقة، والعرف وإن اعتبر فالحقيقة لا تسقط به وهذا لأن عين الدّقيق مأكول، والأصحّ أنّه لا يحنث؛ لأنّ هذه حقيقة مهجورة؛ ولما انصرفت اليمين إلى ما يتخذ منه للعرف سقط اعتبار الحقيقة، كمن قال لأجنبيّة إن نكحتك فعبده حرّ فزنا بها لم يحنث، لأنّ يمينه لما انصرفت إلى العقد لم يتناول حقيقة الوطئ، وإن كان عنى أكل الدقيق بعينه، لم يحنث بأكل الخبز؛ لأنه نوى حقيقة كلامه) كذا في المبسوط (٤).

(القطايف) [ناز كوزينة]، قوله: حتى لو كان بطبرستان (٥)


(١) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٨١).
(٢) انظر: المحيط البرهاني (٤/ ٢٨١).
(٣) انظر: الجوهرة النيرة (٢/ ٢٠٢).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٨٠ - ١٨١).
(٥) طَبَرِستانُ: بفتح أوله وثانيه، وكسر الراء، قد ذكرنا معنى الطبر قبله، واستان: الموضع أو الناحية، كأنه يقول: ناحية الطبر، وهي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، وهي المنطقة الجبلية التي تحيط بجنوب بحر الخزر (قزوين) وتضم بلدانا واسعة وحصونا كثيرة من أعيان مدنها آمل وهي قاعدة المنطقة وتعرف الجبال التي تمتد حولها بجبال البرز. ويطلق على طبرستان اسم (مازندران) أيضا وكانا اسمان مترادفين، ثم طغى اسم (مازندران) وشاع فلا تسمى المنطقة بغيره، وتقع شمال إيران اليوم، وخرج من نواحيها كثيرٌ من أهل العلم والأدب والفقه. منها الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. انظر: معجم البلدان (٤/ ١٣)، معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع (٣/ ٨٨٧)، تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير (٢/ ١١٢) فتوح البلدان: (٧٤٥ - ٧٤٦).