للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٣١/ أ] (وإذا حلف لا يأكل خبزًا) ولا نيّة له فأكل كليجة (١) أو جوزينجًا (٢) أو نوالة (٣) بزيدة (٤) قال محمّد بن سلمة -رحمه الله-: لا يحنث في الوجوه كلها وقال الفقيه أبو الليث -رحمه الله-: أنّه يحنث إذا أكل الكليجة أو النّوالة المقطوعة، أمّا الكليجة: فلأنّها خبز حقيقة وعرفًا واختصاصها باسم خاص للزّيادة لا للنقصان فلا يمنع دخولها تحت مطلق الاسم.

وأمّا النّوالة المقطوعة فلأنّها خبز يضم إليه شيئًا آخر.

وأمّا الجوزينج فلا يحنث بأكله؛ لأنّه لا يسمى خبزًا بل يسمّى قطايف ولا يسمّى خبزًا مطلقًا بل يسمّى خبزًا مقيّدًا يقال خبز الجوزينج كما يقال بالفارسية بأن [ذردالو]. وإذا حلف لا يأكل هذا الخبز فجفّفه ودقه ثم شربه بماء لم يحنث، لأنّ هذا شرب وليس بأكل وعن أبي حنيفة -رحمه الله- فيمن قال لامرأته: إن أكلت من هذا الخبر فأنت طالق فطلبت حيلة حتى تأكل ولا تطلق، قال: ينبغي لها أن تدق ذلك الخبز وتلقيها في عصيدة وتطبخ حتى يصير الخبز هالكًا فتأكل العصيدة ولا يحنث.

(فهو على اللّحم) أي ما لم ينو غيره؛ لأنّ النّاس يطلقون هذا اللّفظ على اللّحم عادة دون الفجل (٥) والجزر (٦) المشوي، إلا أن ينوي ما يشوى من بيض أو غيره كالسلق (٧) والباذنجان (٨) فتعمل نية لما فيه من التّشديد عليه. (٩) فهو على ما يطبخ من اللّحم) استحسانًا أي ما لم ينو غيره وفي القياس يحنث في اللّحم وغيره ممّا هو مطبوخ، ولكن الأخذ بالقياس ههنا يَفحُشُ فإن المُسَهَّل من الدّواء مطبوخ، ونحن نعلم أنّه لم يرد ذلك فحملناه على أخص الخصوص، وهو اللّحم؛ لأنّه هو الذي يطبخ في العادات الظّاهرة، فإن الطّبيخ في العادة ما يتخذ من الألوان والباجات (١٠) وهو الذي يسمّى متخذ ذلك طباخًا؛ فأمّا من يطبخ الآجر المسمى لا يسمّى طباخًا.


(١) كُليجة أو كَليجة: نوع من الخبز صغير معجون بالزبد.
انظر: المحيط البرهاني (٤/ ٢٨١)، تكملة المعاجم العربية (٩/ ١٢٦).
(٢) الجوزينج: وردة في "الأصل" المبسوط للشيباني (٣/ ٣١١)، وهي نوع من الطعام من غير الخبز.
(٣) نوالة: فارسية عُرِّبة معناها "الزماورد"، والعامة تقول: بزماورد: وهو طعام من بيض ولحم.
انظر: الصحاح (٢/ ٥٥٠)، المغرب (١/ ٥١٢)، القاموس المحيط (١/ ٥٠٠).
(٤) "بزيدة" في (أ)، وأيضاً في البناية (٦/ ١٧٧)، وفي (ب) "بديزه" لم يتضح لي معناها.
(٥) الْفُجْلُ: بَقْلٌ مَعرُوفٌ الواحِدة (فُجْلَةٌ) وهو من النباتات.
انظر: مختار الصحاح (١/ ٢٣٤)، مجمل اللغة (١/ ٧١٢)، (فجل)
(٦) الجزرُ: للَّذي يُؤْكَلُ، وهو نوع من النبات كالقثاء والخيار.
انظر: تهذيب اللغة (١٠/ ٣١٩)، شمس العلوم (٢/ ١٠٨٠).
(٧) السِّلْقُ: النَّبْتُ الَّذِي يُؤْكَلُ.
انظر: مختار الصحاح (١/ ١٥٢)، المصباح المنير (١/ ٢٥٨)، (سلق)
(٨) الباذنجان: من ذوات الفلقتين ذو ثَمر أسود أو أبيض مستطيل أو شبه مكوّر يُؤكلُ مطبوخًا أو مقليًّا.
انظر: معجم اللغة العربية (١/ ١٥٣)، (باذنجان).
(٩) تتمت الكلام " وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا، فهو على ما يطبخ من اللّحم " انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٨).
(١٠) " والباجات " في المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٨) " والمباحات " وهذا مغاير لما في (أ) و (ب) وخلاف الصواب.