للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(روي أن ابن عمر -رضي الله عنهما- سئل عن شيء فقال: لا أدري ثم قال بعد ذلك: طوبى لابن عمر سئل عن شيء لا يدري فقال: لا أدري (١)، وقيل إنما قال: لا أدري! لأنّه حفظ لسانه عن الكلام في معنى الدّهر فقال جاء في الحديث أنّ النبي -عليه السلام- قال: «لا تسبّوا الدّهر فإن الله هو الدّهر» (٢) معناه أنّه خالق الدّهر.

وفي حديثٍ آخر أنّ النبي -عليه السلام- قال فيما يُأثرُ عن ربه: «استقرضت من عبدي فأبى أن يقرضني وهو يسبني ولا يدري، يسب الدّهر ويقول وادهرآه وإنّما أنّا الدّهر» (٣) فلظاهر هذه الآثار حفظ

[٤٣٦/ أ] لسانه وقال لا أدري ما الدّهر/ وهو كما روي أنّ النّبي -عليه السلام- سئل عن خير البقاع فقال: «لا أدري حتى أسأل جبريل -عليه السلام-» فسأل جبريل فقال: «لا أدري حتى أسأل ربي» فصعد إلى السّماء ثم نزل وقال: «سألت ربي عن ذلك فقال: خير البقاع المساجد وخير أهلها من يكون أوّل النّاس دخولاً وآخرهم خروجًا» (٤) فعرفنا أنّ التوقّف في مثل هذا يكون من الكمال من النّقصان) كذا في المبسوط (٥) والجامع الكبير لفخر الإسلام والجامع الصّغير لقاضي خان -رحمهما الله-.


(١) لم أجده الا في البناية (٦/ ٢٠٦)، المبسوط للسرخسي (٩/ ١٧) باب الوقت في اليمين، تبيين الحقائق (٣/ ١٤٠)، باب اليمين في الأكل والشرب وللبس.
(٢) سبق تخريجه أعلاه.
(٣) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربهِ عزَّ وجلَّ قال: «اسْتَقَرَضْتُ مِنَ ابْنِ آدَمَ فَلَمْ يُقْرِضْنِي وَشَتَمَنِي، يَقُولُ وَادَهْرَاهْ، وَاللهُ هُوَ الدَّهْرُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنِ ابْنِ آدَمَ يأَكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجَبُ ذَنَبِهِ فَإِنَّهُ يُخْلَقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُبْعَثَ مِنْهُ» انظر: خلق أفعال العباد للبخاري، بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ يَذْكُرُهُ وَيَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ (١/ ٩٥)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (١/ ٥٧٩)، كتاب الزكاة، رقم الحديث (١٥٢٦)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ».
(٤) لم اجده بهذا اللفظ الا في البناية (٦/ ٢٠٦) والمبسوط للسرخسي (٩/ ١٧) لكن له شواهد في:
المستدرك: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَقَالَ: أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ؟ فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَقَالَ: سَلْ رَبَّكَ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيلُ -عليه السلام-، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " إِنِّي سُئِلْتُ أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ وَأَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي " فَقَالَ: جِبْرِيلُ: وَأَنَا لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي، قَالَ: فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ انْتِفَاضَةً كَادَ أَنْ يُصْعَقَ مِنْهَا مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ يَسْأَلُكَ مُحَمَّدٌ أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ فَقُلْتَ: لَا أَدْرِي، فَسَأَلَكَ أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ فَقُلْتَ: لَا أَدْرِي، وَإِنَّ خَيْرَ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ، وَشَرَّ الْبِقَاعِ الْأَسْوَاقُ ". انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (١/ ١٦٧)، كتاب العلم، رقم (٣٠٦) و (٢/ ٩)، رقم (٢١٤٩) التعليق-من تلخيص الذهبي (٢١٤٩) صحيح، والسنن الكبرى، للبيهقي (٣/ ٩٢)، كتاب الصلاة، باب فضل المساجِد وفَضلِ عِمَارَتِها بالصَّلاة فيها وانتظار الصَّلاة فيها، رقم (٤٩٨٤)، صحيح ابن حبان (٤/ ٤٧٦)، كتاب الصلاة -المساجد، باب ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ خَيْرَ الْبِقَاعِ فِي الدُّنْيَا الْمَسَاجِدُ، رقم (١٥٩٩).
(٥) انظر المبسوط للسرخسي (٩/ ١٧).