للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محبنطياً أي منتفخًا من الغضب والضجر وقد روي مهموزًا وهو من أحبنطيت من حيط إذا انتفخ بطنه كاسلَنقَيَتُ مِن سَلَقَةُ إذا ألقَاهُ على ظَهرِه.

(وقالا: لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) (١)؛ لأن الشّرط قد تحقّق بولادة الميّت فينحل اليمين، وذلك لأنّ الشّرط في اليمين ولادة مطلق الولد وقد وجدت، وانحلال اليمين لا يتوقف على نزول الجزاء أي ينحلّ اليمين وإن لم ينزل الجزاء.

ألا ترى أنّه لو قال لامرأته: إن دخلت الدّار فأنتِ طالقٌ فدخلت الدّار بعدما أبانها وانقضت عدتها، تنحل اليمين لا إلى جزاء؛ لأنّ الطّلاق معلّق بمطلق الدّخول وقد وجد، وصار هذا كما إذا كان المعلق به عتق عند آخر ولأبي حنيفة -رحمه الله- أن شرط انحلال اليمين وِلادة ولد حيّ نظراً إلى وصفه إياه بالحرية وبه فارق ما ذكرا من النّظائر لأن الجزاء هنالك ليس وصفاً للشّرط.

وفي الإيضاح (٢) لو قال أوّل عبد يدخل عليَّ فهو حرّ فأدخل عليه عبد ميت ثم حي عتق الحي ولم يذكر خلافاً والصّحيح أنّه بالاتفاق؛ لأنّ اسم العبوديّة بعد الموت لا يبقى في التّحقيق؛ لأنّ الرّق يبطل بالموت، ولو قال أول عبد أملكه حرّ فاشترى عبدًا ونصفاً معًا عتق التّام، ولو قال أوّل كُرٍّ (٣) أملِكُهُ هدي فملك كُرَاً ونِصفاً لم يهد شيئاً لأنّ النّصف يُزَاحِمُ كُلَّ نِصفٍ من الكُرِّ؛ لأنّه مع كُلَّ نصف منه كُرٌّ، بخلاف نصف العبد؛ فإنّه متّصل بالنّصف الآخر، فكمل العبد بنصفيه. كذا ذكره الإمام التمرتاشي والمرغيناني -رحمهما الله- (٤).

بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ وحُرِّيَّةِ الْأُمِّ (بأن قال: إن ولدت فأنت طالق أو قال لأمته إن ولدت فأنت حرّة)، فقوله: أنت طالق وأنت حرّة لا يصلح أن يكون مقيّدًا لكون الولد حيًّا؛ لأنّ الشّرط إذا كان لتحقيق الجزاء في غيره يشترط وجوده فقط، ألا ترى أنّه لو قال إن هبّت الريح فأنت طالق تطلق بهبوب الرّيح، ولا يتصوّر الحيوة (٥) في الرّيح.


(١) لا يتبين المعنى الا بذكر ما قبله وهو: (ولو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده عند أبي حنيفة -رحمه الله- وقالا لا يعتق واحد منهما) انظر: الهداية (٢/ ٣٣١).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٠٠).
(٣) الكُرُّا: مكيال لأهل العراق، وهو ستون قفيزاً، والقفيزُ: ثمانية مكاكيك، والمكوكُ: صاعٌ ونصف. وبما أن القفيز يعادلُ (٢٦. ١١٢) كجم جرام تقريباً، فيكون الكرُ = ٦٠×٢٦. ١١٢= (١٥٦٦. ٧٢) كجم تقريباً والله أعلم.
انظر: الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان (٨٧) لسان العرب (٥/ ١٦١)، (كرر)، تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة (١٩٦).
(٤) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٤٢).
(٥) الحيوة: وردة في (أ) و (ب) بهذا الرسم، وهي الحياة.