للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه وزان مسألتنا من حيث أن في كل منهما شرط الشّرط لا يكون شرطًا للجزاء المذكور وذلك لأنّ التزوّج شرط صحّة الطّلاق كما أن الملك شرط صحّة التَّسَرِّي فكما لم يجعل التزوّج المدرج شرطًا للجزاء المذكور وهو قوله فأنت طالق ثلاثاً لا يجعل الملك المدرج في قوله إن تسريت شرطًا للجزاء المذكور وهو قوله فهي حرّة، وأمّا وزان مسألة زفر -رحمه الله- فهو أن يقول إن تسرّيت جارية فعبدي حرّ (فاشترى جارية فتسراها) عتق العبد لما أنّ الملك في العبد قائم في الحال فيصحّ تعليق عتقه بشرط سيوجد.

[٤٣٩/ أ] (ولو قال كلّ مملوك لي فهو حرّ تعتق أمهات أولاده ومدبّروه)، (ولو قال أردت الرجال بهذا اللفظ دون النساء ديّن فيما بينه وبين الله تعالى دون القضاء لأنّه نوى التخصيص في اللفظ العام وهذا بخلاف ما لو قال نويت السُّود دون البيض فإنّه لا يصدق في القضاء والديانة/ جميعًا؛ لأنّه نوى التّخصيص بوصف ليس في لفظه ولا عموم لما لا لفظ له فلا يعمل فيه نيّة التّخصيص وهنا نوى التخصيص فيما هو في لفظه؛ لأنّ المملوك حقيقة للذكور دون الإناث فإنّ الأنثى يقال لها مملوكة ولكن عند الاختلاط يستعمل عليهم لفظ التذكير عادة فإن نوى الذكور فقد نوى حقيقة كلامه.

ولكنّه خلاف المستعمل قيدين فيما بينه وبين الله تعالى دون القضاء، ولهذا قيل لو قال نويت النساء دون الرجال كانت نيته لغوًا، وكذلك لو قال لم أنو المدبرين لم يصدّق في القضاء.

وفي كتاب الأيمان يقول إذا قال لم أنو المدبّرين لم يدين فيما بينه وبين الله ولا في القضاء ففيه روايتان) كذا في المبسوط (١)

ثم عطف الثّالثة على المطلقة؛ لأنّ العطف للمشاركة في الحكم فَيُختَصُ بِمحل الحكم

وهو المطلقة؛ لأنّ الكلام سبق لإيقاع الطّلاق وذكر أيضاً في كتاب الإقرار لو قال لفلان عليّ ألف أو لفلان وفلان كان نصف الألف للثّالث وله الخيار في النّصف الآخر إن شاء جعله للأوّل وإن شاء جعله للثّاني لما ذكرنا أنّ الثّالث معطوف بالواو على من وقع عليه الحكم.

فإن قلت: العطف كما يصحّ على من وقع عليه الحكم فيصحّ أيضاً على من لم يقع عليه الحكم والأصل عدم الحكم فيعطف على من لم يقع عليه الحكم، ألا ترى أن من قال والله لا أكلِّم فلانًا أو فلانًا وفلاناً إن كلم الأوّل حنث وإن كلّم أحد الآخرين لا يحنث حتّى يكلّمها ويكون الثّالث معطوفاً على الثّاني الذي لم يقع عليه الحكم منفردًا وهذا لأن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع فصار كأنّه قال هذه طالق أو هاتان فحينئذ كان هو مجيزًا في الطّلاق والعتاق إن شاء أوقع على الأولى وإن شاء أوقع على الأُخرَتَيَنِ.


(١) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٧٩).