للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما عدم جواز التوضي به لأنه لما غلب عليه لون الأوراق صار ماء مقيدًا كماء الباقلا [وغيره] (١).

قلت: لما تغير لون الماء ها هنا بوقوع الأوراق الكثيرة لا بد أن يتغير طعمه أيضًا فحينئذٍ كان الوصفان من الماء زائلين فصار موافقًا لما أشار إليه «الكتاب» [وإلا] (٢) يلزم المخالفة بينهما وبين رواية الكتاب ورواية «فتاوى قاضي خان» [التي تجيء بُعيد هذا] (٣).

-قوله: (كماء المد) «هو واحد المدود وهو السيل، وإنما خص بالذكر لأنه يجيء بغثاء ونحوه»، كذا في «المغرب» (٤)، وذكر في «فتاوى قاضي خان»: «إذا طبخ بالماء ما يقصد به المبالغة في التنظيف كالسدر والحرض فإن تغير لونه ولكن لم تذهب رقته يجوز به التوضي، وإن صار ثخينًا مثل السويق لا يجوز به التوضي» (٥).

ولو توضأ بماء السيل يجوز وإن خالطه التراب إذا كان الماء غالبًا رقيقًا فراتًا كان أو أجاجًا، وإذا كان ثخينًا كالطين لا يجوز به التوضي.

-قوله: (وهو الصحيح) احتراز عن «قول محمد فإنه يعتبر الغلبة بتغير اللون والطعم والريح»، كذا في «فتاوى قاضي خان» (٦).

(وَكُلُّ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ قَلِيلاً كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَثِيرًا)

-قوله: (وكل ماء) المراد منه غير الماء الجاري وغير ما هو في معنى الماء الجاري كالحوض الكبير الذي هو عشر في عشر.

-قوله: (قليلاً كانت النجاسة أو كثيرًا) ترك علامة التأنيث بعد ما جعل القليل والكثير صفة [بالنجاسة] (٧) مع أن كل واحد منهما فعيل بمعنى فاعل، وفي مثله يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء كسميع وسميعة وعليم وعليمة؛ لأن فعيلاً بمعنى فاعل قد يشبه بفعيل بمعنى مفعول كقولهم: مِلحف (٨) جديد، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [الأعراف: ٥٦] في أحد الوجوه.

ثم وجه التمسك بقوله -عليه السلام-: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِى الْمَاءِ الدَّائِمِ» (٩). أن مطلق النهي يوجب التحريم وفساد الفعل من غير فصل بين دائم ودائم، وبين ما يتغير لونه و [بين] (١٠) ما لا يتغير إلا أن يكون في حكم الماء الجاري بأن لا يخلص بعضه إلى بعض بدلالة تقييد الدائم.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب) «ولا».
(٣) في (ب) «يفيد هذا».
(٤) المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٤٣٧) باب الميم مع الدال.
(٥) فتاوى قاضي خان (١/ ٢٣) فصل فيما لا يجوز به التوضوء.
(٦) فتاوى قاضي خان (١/ ٢٤) فصل فيما لا يجوز به التوضئ.
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب) «لمجنة».
(٩) الحديث رواه البخاري في صحيحه (١/ ٤١٢) كتاب الوضوء باب البول في الماء الدائم، برقم (٢٣٩)، ومسلم في صحيحه (١/ ٢٣٥) برقم (٢٨٢) كلاهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا بألفاظ متقاربة.
(١٠) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).