للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تغير بالطبغ: عنى بالتغير الثخونة حتى إذا طبخ ولم يثخن بعد بل رقة الماء باقية فيه جاز الوضوء به ذكره الناطفي (١)، كذا في «فتاوى قاضي خان» (٢).

-قوله: (كالأشربة والخل) (٣) إن كان المراد من الأشربة الأشربة المتخذة من الشجر كشراب الريباس والحماض (٤)، ومن الخْل الخلِّ الخالص كانا من نظير المُعتصِر من الشجر والثمر، وكان ماء الباقلا والمرق نظير الماء الذي غلب عليه غيره فكان من [صنعة] (٥) اللف والنشر.

وإن كان المراد من الأشربة [الحلواء] (٦) المخلوط بالماء كالدبس والشهد المخلوط به، ومن الخل الخل المخلوط بالماء كانت الأربعة كلها نظير الماء الذي غلب عليه غيره.

وقيل: القسم الأول: من المياه مقابل بالرقيق؛ لأنه لا قيد فيهما.

والقسم الثاني: مقابل بالمكاتب باعتبار نقصان ما هو الأصل فيهما من الملك وماهية الماء.

والقسم الثالث: مقابل بالمدبر؛ إذ الملك فيه كامل والرق ناقص بدليل حل الوطء والاستخدام فكذلك في الماء الذي خالطه شيء طاهر مغلوب يتناوله مطلق الماء باعتبار غلبة الماء فيه فجاز التوضي به أيضًا، ثم في قوله: فغير أحد أوصافه إشارةً إلى أنه إذا غير الاثنين أو الثلاثة من الأوصاف لا يجوز التوضي به، وإن كان المغير شيئًا طاهرًا لكن المنقول من الأساتذة أنه يجوز حتى أن أوراق الشجر وقت الخريف يقع في الحياض فيتغير ماؤها من حيث اللون والطعم والرائحة، ثم إنهم يتوضئون منها من غير نكير، ولكن [ذكر] (٧) في أول «تتمة الفتاوى» (٨) ما يوافق إشارة المذكور في «الكتاب» (٩) فقيل: وسئل الفقيه أحمد بن إبراهيم الميداني (١٠): عن الماء الذي يتغير لونه لكثرة الأوراق الواقعة فيه حتى يظهر لون الأوراق في الكف إذا رفع الماء منه هل يجوز التوضي منه. قال: لا، ولكن يجوز شربه وغسل الأشياء به، وأما جواز شربه وغسل الأشياء به فلأنه طاهر.


(١) هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عمرو الناطفي، أحد الأئمة الكبار، توفي: سنة: (٤٤٦ هـ).
(٢) انظر: فتاوى قاضي خان (١/ ٢٣، ٢٤) فصل فيما لا يجوز به التوضوء.
(٣) قال صاحب «البناية»: «واعلم أن قوله: «كالأشربة» إن أراد به الأشربة المتخذة من الشجر كشراب الرمان والحماض - وبـ «الخل» الخالص-، كان من نظير المعتصر من الشجر والثمر، وكان ماء الباقلا والمرق نظير الماء الذي غلب عليه غيره، وكان فيه صفة اللف والنشر، وهو أن يلف شيئين ثم ينشرهما، نظيره من التنزيل {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القصص: ٧٣] وإن أراد بالأشربة الحلو المخلوط به والخل المخلوط بالماء كانت الأربعة كلها نظير الماء الذي غلب عليه غيره». البناية (١/ ٣٠٣). وانظر: شرح العناية على الهداية (١/ ٧١).
(٤) الريباس: نَبتٌ شديد الحُموضَة، وورقه عريض، وهو نبات معمر ينبت في البلاد الباردة، والجبال ذوات الثلوج توكل ضلوعه وتزين ويعصر منه شراب الريباس. العبابس الزاخر (١/ ١١٤) المعجم الوسيط (١/ ٣٨٥). الحماض: نبات بريٌ شديد الحموضة، زهرهُ أحمرُ، وورقه أخضر. تاج العروس (١٨/ ٣٠٤).
(٥) في (ب) «صيغة».
(٦) في (ب) «الحُلوَ».
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) أي: فتاوى قاضي خان.
(٩) أي: الجامع الصغير، لمحمد بن الحسن الشيباني
(١٠) هو: أبو الحسين، أحمد بن إبراهيم بن صالح بن داود الميداني، من ميدان زياد بنيسابور، سمع محمد ابن يحيى الذهلي وعبد الله بن يزيد المقريء روى عنه الفقيه أبو الوليد القرشي، (ت ٣١٥ هـ). الأنساب للسمعاني (١٢/ ٥٢١).