للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: إنما لا يخص عموم اللفظ بسببه إذا لم يرد ما يخصصه مثله في القوة وقد ورد هنا ما يخصصه وهو يساويه/ ١٠/ أ/ في القوة وهو حديث المستيقظ. وقوله -عليه السلام-: «لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ» (١). وإنما خصصناه بهذين الحديثين دفعًا للتناقض، وذلك لأن الحديثين إذا وردا متعارضين وجهل تاريخهما يجعل كأنهما وردا معًا بعد ذلك إن أمكن العمل بهما بحمل كل واحد منهما على موضع يحمل وإن لم يمكن الحمل يطلب الترجيح، وإن لم يمكن الترجيح يتهاتران وها هنا أمكن العمل بهما بشهادة نقلة الأحاديث على ما قلنا، فعملنا كذلك لهذا [فكان هذا من باب الحمل لدفع التناقض لا من باب التخصيص بالسبب] (٢).

ولأنا ما خصصناه ببئر بضاعة أيضًا بل عدينا حكمه من بئر بضاعة أيضًا بل عدينا حكمه من بئر بضاعة إلى ما هو في معناها من الماء الجاري وترك عموم ظاهر الحديث لدفع التناقض والتعارض.

وقال الشافعي: يجوز إن كان الماء قلتين (٣).

وقال الشافعي: إذا كان الماء بقدر القلتين لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه حتى يتغير أحد أوصافه.

والقلة اسم لجرة تحمل من اليمن تسع فيها قربتان وشيء، فالقلتان خمس قرب كل قربة خمسون منًّا فيكون جملته مائتين وخمسين منًّا، واستدل بهذا الحديث.

قلنا: هذا ضعيف فقد قال الشافعي في كتابه (٤): بلغني بإسنادٍ لا يحضرني من ذكره ومثل هذا دون المرسل (٥).

«وقد تكلم الناس في القلة فقيل: إنها القامة، وقيل: إنها رأس الجبل. فيكون معناه: إذا بلغ ماء الوادي قامتين أو رأس الجبلين، ومثل هذا يكون بحرًا، وبه نقول»، كذا في «المبسوط» (٦).


(١) سبق تخريجه في (ص ٢٢١).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) مذهب الشافعية: أن الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة المؤثرة، سواء تغير أحد أوصافه أولاً، والماء الكثير ينجس إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة، سواء قلَّ التغير أم كثر، ولا يكون الماء كثيراً إلا إذا بلغ قلتين وما دون القلتين فهو قليل، والقلتان من قلال هجر، وهما خمسمائة رطل بغدادية. انظر: الحاوي الكبير (١/ ٤١٧)، الروضة (١/ ٢٠)، حاشية القليوبي وغيره (١/ ٢١).
(٤) جاء في هامش (ب): أي نقول بأنه لا يتنجس.
(٥) جاء في هامش (ب) لأن المراسيل يقطع القول بأنه من رسول الله -عليه السلام- وصوابه أتقانه، وقوله: بإسناد لا يحضرني على عكسه، والمراسيل عنده ليست بحجة فهذا أولى كافي.
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٧١) باب الوضوء والغسل.