للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (وَوُجوب الضَّمان بالإتلاف) بالرَّفع معطوف على قوله: (الملكُ عنده) أي: يثبت وُجوب الضَّمان بالإتلاف عند محمدٍ؛ يعني: إذا أَتلف غير المنفَّل له من الغزاة السلب الذي أصابه المنفَّل له يَضمن عند محمد، وعندهما لا يَضمن بناءً على أنَّ الملك يثبت له بنفس التَّنفيل عند محمدٍ، وعندهما لا يَثبت بدون الإحراز بدار الإسلام. فوجهُ قولِ محمَّدٍ أنَّه اختصَّ بملكها، فيحلُّ له وَطؤُها بَعد الاستبراء، كالمسلِم يشتري جاريةً في دار الحرب، يحِلُّ له وطؤها بعد الاستبراء، وهذا لأنَّ ملك المتعة سببه ملك الرَّقبة، وقد تحقَّق هذا السَّبب في حقِّه حتَّى اختصَّ بملكها بتنفيل الإمام؛ وهذا بخلاف اللِّصِّ في دار الحرب إذا أَخذ جاريةً فَاستبرأَها، فإنَّه لا يحلُّ له وَطؤُها؛ لأنَّه ما اختصَّ بملكها. أَلا ترى أنَّه لو التحق بجيش المسلمين في دار الحرب شاركوه فيها.

وأَبو حنيفة وأبو يوسف قالا: سبب الملك في المنفَّل هو القَهر فلا يتمُّ إلا بالإحراز بدار الإسلام، كما في الغنيمة في حقِّ الجيش؛ وهذا لأنَّه [قبل] (١) الإحراز قاهر (٢) يدًا، مقهورٌ دارًا، فيكون السَّبب ثابتًا مِن وجه دون وجه، ولا أثر للتَّنفيل في إتمام القهر. إنَّما تأثير التَّنفيل في قطع شركة الجيش مع المنفَّل له، فأمَّا سبب الملك للمنفَّل له، ما هو السَّبب لولا التنفيل، وهو القهر؛ فأشبه مِن هذا الوجه ما أخذه اللِّصُّ في دار الحرب بخلاف المشتراة، فسبب الملك فيها تمَّ بالعَقد والقَبض. وعلى هذا الخلاف، لو قسَم الإمام الغنائم في دار الحرب فأصاب رجلٌ جاريةً فاستبرأها؛ لأنَّ بِقسمةِ الإمام لا ينعدم المانع من تمام القهر، وهو كونهم مقهورين دارًا، ومن أصحابنا من يقول: لما نُفِّذَت القِسمة من الإمام تصير هي بمنزلة المشتراة؛ لأنَّ مَن وَقَعت في سَهمه إنَّما يملك بالقِسمة، وقد تمَّت، فينبغي أنْ يحل الوطء عندهم جميعًا. والأوَّل أظهر (٣)؛ كذا في المبسوط في "باب ما أصيب في الغنيمة".

فعلى هذا كان في مسألة القسمة في دار الحرب اختلاف أيضًا، كما في الضمان. (وقد قيل: هذا) (٤) أي: وجوب الضَّمان، وفي نسخة بدون الواو [والله أعلم] (٥).


(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ) "قاصر"، والصحيح ما أثبته. ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ٧٢)
(٣) ينظرالمبسوط للسرخسي (١٠/ ٧٢ - ٧٣).
(٤) في (ب) "هنا".
(٥) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).