للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الصحاح والمغرب: " (ونجران) بلاد وأهلها نصارى" (١)، "والحلَّة إزار ورِداء، هذا هو المختار، ولا يُسمَّى حلَّة حتَّى يكون ثوبَينِ، وهي مِن الحُلول أو الحَلّ لما بينهما من الفرجة" (٢).

(ولأنَّ الموجب هو التراضي) فالموجب لوجوب الجزية في الأصل هو اختيارهم البَقاء على الكُفْر بعد أنْ غُلِبوا، لا التَّراضي، وإنَّما التَّراضي لتعيين ما رَضَوا عليه مِن الأَموال بَعد أنْ وَجبَ عليهم أصل الجزية بِسبَب الذي قُلنا، فصار هذا كوجوب الدِّية بالتَّراضي في القَتل العَمد، فإنَّ القتل عَمدًا غير موجِب للدِّية في أَصلِه، بل هو موجِب للقصاص، لكن للتَّراضي تأثير في العُدول عن القِصاص إلى الدِّية، فكذلك ههنا للتَّراضي تأثير في العدول عن مطلَق وجوبِ الجزية التي يختارها الإمام إلى ما عيَّنوه من المال بالتَّراضي.

(وعلى الفقير المعتمل) وَإنَّما قيّد بالاعتمال، وهو الاضطراب في العمل، أي: الاكتساب، لما أنَّه لو لم يعمَل بسبب المرَض لا يجب عليه الجِزية على ما يجيء.

وذكر في الإيضاح: ولو مَرِض الذِّمي السَنة كلَّها فلَم يقدِر أنْ يعمَل، وهو موسِر، أنَّه لا يجب عليه خراج رأسِه لما ذكرنا أنَّه يجب على الصَّحيح المعتمل. وكذا إن مرض نِصف السَّنة أو أكثرها، وإنْ صحَّ أكثر السَّنة فعليه خراج رأسه لأنَّ للأكثر حكم الكلِّ. وأمَّا لو ترك العمَل مَع القدرة عليه صار كالمعتمِل (٣)، كمَن قدر على الزِّراعة فلَم يزرَع، يجب عليه الخراج.

(من كلّ حالم وحالمة) أي: من كل بالغ وبالغة أو (عدلَه مَعَافرَ) أي: أُوخذ مثل دينار بُردًا مِن هذا الجنس.

(ويقال: ثَوْبٌ مَعَافِرِيٌّ) مَنْسُوبٌ إلَى مَعَافِرِ بْنِ مُرٍّ أَخِي تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ ثُمَّ صَارَ لَهُ اسْمًا بِغَيْرِ نِسْبَة (٤)؛ كذا في المغرب.

"وذكر في الفوائد الظهيرية: معافر حيٌّ من هَمْدان يُنسب إليه هذا النَّوع من الثياب.

وعَدل الشيء -بالفتح-: مثله من خلاف جنسه و-بالكسر- مثله من جنسه" (٥). وهذا لأنَّه وجَب بَدَلًا عن النُّصرة بالنَّفس والمال، ولهذا صُرِفت الجزية إلى أهل الجهاد دون الفقراء والمساكين، ولهذا ضُرِبت الجزية على الصَّالحين للقتال الذين يَلزمهم القتال في سبيل الله لو كانوا مسلمين.


(١) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٥٦).
(٢) ينظر الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٦٧٣)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ١٢٦).
(٣) ينظر الفتاوى الهندية (٢/ ٢٤٤).
(٤) ينظر المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٢٠).
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٤٦).