للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (وجَوابه ما قُلنا) وهو قوله: (لأنَّ كفرهما قد تغلَّظ).

(وإذا ظُهِر عليهم) أي: عَلى مشركي (١) العرب والمرتدِّين.

(فنِساؤهم وصبيانهم فُيء) إلَّا أنَّ ذراري المرتدِّين ونسائهم يجبرون على الإسلام، وذراري عَبَدة الأوثان من العَرَب ونساؤهم لا يُجبرون على الإسلام؛ لأنَّ أولئك لم يثبت في حقِّهم حكم الإسلام/؛ والإجبار على الإسلام يكون بعد ثُبوت حكم الإسلام في حقِّه، وذراري المرتدِّين قد ثبت حكم الإسلام في حقِّهم تَبَعًا لآبائهم، فيُجبَرون على الإسلام. وأمَّا المرتدَّاتُ، فقد كُنَّ مقِرّات بالإسلام، والجاحد بعد الإقرار مجبَر على العَود إلى الإقرار، والعربية لم يسبق منها الإقرار بالإسلام، فلا يُجبر على الإسلام بعد الاسترقاق (٢)؛ كذا في الجامع الصَّغير للعلَّامتَين.

ويؤخذ الجزية من كل كافر سواء مشركي العرب.

وأما الصابئون (٣)، قال أبو حنيفة -رحمه الله-: تُؤخَذ منهم الجِزية.

وقال صاحباه: لا تُؤخَذ. قالوا: إنَّما قال بذلك أبو حنيفة لأنَّه وقَع في رَأيه أنَّهم مِن أهل الكتاب. وأمَّا الزَّنادقة فأخذ الجِزية منهم بناءً على قبول التَّوبة منهم. قالوا: لو جاء الزِّنديق قبل أَنْ يؤخَذ فأقَرَّ أنَّه زنديق فتاب عن ذلك تُقبَل توبتُه، فإنْ أُخِذ ثم تاب لا تُقبل (٤) توبتهلأنَّهم باطنية يُظهِرون شيئًا ويعتقدون في الباطن خلافَ ذلك، فيُقتلون، ولا تُؤخَذ منهم الجِزية، ولا تُقبل توبتُهم (٥)؛ كذا في سِيَر فتاوى قاضي خان.

"حنيفة: أبو حيٍّ مِن العَرب، وهو حَنيفة ابن لُجَيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل" (٦)؛ كذا في الصحاح. وقيل: المراد بِبني حَنيفة رَهْط مسَيلمة الكذَّاب (٧).


(١) في (أ) "مشركين".
(٢) ينظر الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٠٤).
(٣) الصابئون: قوم يزعمون أنهم على دين نوح بكذبهم وقبلتهم من مهب الشمال عند منتصف النهار. المحكم والمحيط الأعظم (٨/ ٣٥٤).
(٤) في (ب) "يقبل".
(٥) ينظر الفتاوى الهندية (٢/ ٢٤٥).
(٦) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٣٤٧).
(٧) هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، أبو ثمامة: متنبئ، من المعمرين، وفي الأمثال "أكذب من مسيلمة"، ولد ونشأ باليمامة، في القرية المسماة اليوم بالجبيلة، بقرب "العيينة" بوادي حنيفة، في نجدوتوفي النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قبل القضاء على فتنته، فلما انتظم الأمر لأبي بكر، انتدب له أعظم قواده "خالد بن الوليد" على رأس جيش قوي، وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة سنة (١٢ هـ). ينظر سيرة ابن هشام ت السقا (٢/ ٥٧٦)، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (٢/ ١٥٧)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (١/ ١٥١).