للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بمنزلة مولى القُرشي (١) أي: لا يُؤخَذ الجزية وخراج الأرض مِن القُرَشي، ويؤخذ من معتَقِه، فكذلك ههنا تؤخذ الجزية من معتق التغلُبي، وإنْ (٢) لم تؤخذ من التغلُبي.

(ولنا أنَّ هذا تخفيف) أي: أخْذ مضاعَف الزَّكاة تخفيف لما ذكرنا أنَّه ليس فيه وَصف الصَّغار بخلاف الجِزية فيه أي: في التخفيف.

(لأنَّ الغَني من أهلها) أي: من أَهل الصَّدَقة، وَإنْ كان فيه أوساخ الناس، ألا ترى أنَّالغَني إذا كان عاملًا في الزكاة يجوز له أخذ الزكاة.

وأما الهاشمي (٣) فليس له أخذها، وإنْ كان عاملًا فيها، وأمَّا قولُالنَّبي -عليه الصلاة والسلام-: "فإنَّ مولى القوم منهم" (٤).

قلنا: قد تعذَّر إجراء هذا الحديث على عمومه، لانعقاد الإجماععلى أنَّ مولى الهاشمي لا يُنزَّل منزلةَ الهاشمي في الكفاءة، وكذلك مولى القرشي على ما ذكرناه (٥) (٦). وإذا تعذَّر إجراؤه على العموم يجِب تأويلُه على معنى التَّناصر والتَّعاون لأنَّه مِن لوازمه، فإنَّ الرَّجل متى كان مِن القوم يقوم بنُصرتهم. وأمّا حرمان مولى الهاشمي عن الصَّدقات باعتبار الاحترام والاستعظام، وقد ذكرنا أنَّ الحديث مؤوَّل (٧) بمعنى التَّناصُر، ففي التناصُّر استعظام، فلذلك أُلحِق مولى الهاشمي بالهاشمي في ذلك المعنى (٨)؛ كذا في الفوائد الظهيرية.


(١) القرشي من كان من ولد النضر بن كنانة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٦/ ٥٣٤): هم - أي قريش- ولد النّضر بن كنانة، وبذلك جزم أبو عبيدة؛ أخرجه بن سعد عن أبي بكر بن الجهم. وروى عن هشام بن الكلبي عن أبيه كان سكّان مكّة يزعمون أنّهم قريش دون سائر بني النضر حتّى رحلوا إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه من قريش؟ قال: من ولد النضر بن كنانة. وقيل: إنَّ قريشًا هم ولد فهر بن مالك بن النضر، وهذا قول الأكثر وبه جزم مصعب، قال: ومن لم يلده فهر فليس قرشيًا.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) الهاشمي: من كان من ولد هاشم بن عبد مناف.
(٤) أخرجه الحاكم في مستدركه بلفظ الجماعة كتاب الزكاة، برقم (١٤٦٨) ١/ ٥٦١.
عن أبي رافع، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلًا من بني مخزوم على الصّدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما نصيب منها، فقال: لا حتّى آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله فقال: "إن الصّدقة لا تحلُّ لنا، وإنّ موالي القوم مِن أنفسهم" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
(٥) في (ب) "ذكرنا".
(٦) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٦٦).
(٧) في (ب) "مأوّل".
(٨) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٦٦).