للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توريث المسلم من المسلم، فلهذا لا يرثه ورثتُه الكفَّار لأنَّ التَّوريث من المسلم، والكافر لا يرث المسلم (١)؛ كذا في المبسوط، لأنَّه مكلف، وكونُه/ مكلَّفًا يقتضي عدَم زوال ملكه لأنَّه لا يتمكَّن من إقامة موجِب التَّكليف إلا بالملك. وكونُه مكلَّفًا يُشعر بكمال الأهلية، وكمَال الأهلية لا يقتضي زوال الملك بل يقتضي تقدُّره (٢)، فصار هذا كالمحكوم برهن (٣) حيثُ لا يزول ملكه هناك.

قوله: (ومالكيتِه) بالجر للعطف على ملكه.

(فتوقَّفنا في أمره) أي: انتظرنا حتَّى (٤) لو نظرنا إلى أنَّه حربي بدليل جواز قَتله لِما أنَّنفس الكُفر لا يجوِّز القتلَ بل الكفر المفضي إلى الحراب يجوِّز القتل. ألا ترى أنَّ الكافر الَّذي لا يقدر على الحواب في [بِنيتِه] (٥) كالأعمى والمقعَد والشَّيخ الهرِم والمرأة مِن الكفَّار لا يجوز قتلُهم لعدم إفضاء كفرهم إلى الحراب؛ وههنا جاز قتلُ المرتدَّ؛ عُلم أنَّه لارتداده صار حربيًا، والحَربي المقهور في أيدينا مملوكٌ لنا، ولَيس بمالك شيئًا ينبغي أنْ يزول ملكُه قطعًا مِن غَير توقُّف، ولو نظَرنا إلى أنَّه يجبَر على الإسلام ينبغي أنْ لا يزول ملكه لأنَه مرجو العود إلى الإسلام، فتوقَّفنا في الزَّوال عملًا بالدَّليلين.

(جُعل العارض كأنْ لم يكُن في حقِّ هذا الحكم) أَي: جعل الارتداد كأنْ لم يوجَد في حقِّ بقاء ماله على ملكه، فكان ماله ملكه كما كان.

وإنَّما قيَّد بقوله: (في حقِّ هذا الحُكم) لأنَّ في إحباط عملِه مِن الطَّاعات كلِّها، وفي وقوع الفُرقة بينه، وبين امرأته، وفي فرضيته تجديد الإيمان لم يكن ارتداده كأنْ لم يكُن بل عمِل عملَه في حقِّ هذه الأحكام.

(ولم يُعمل بالسبب) أي: لم يُعمل السبب المزيل لملكه، وهو كونه حربيًا مقهورًا في أيدينا ونحن أيضًا لم نعمل بذلك السبب فلم نقل بزوال الملك.

(ثم هو مالٌ حَربيٍّ لا أمان له فيكون فيئًا) "فيوضَع في بيت المال ليكون للمسلمين باعتبار أنَّه مال ضائع. قلنا: المسلمون يستحقُّون ذلك بالإسلام وورثَتُه ساوَوا المسلمين في الإسلام، وترجَّحوا عليهم بالقرابة لأنَّ ذا السَّببين مقدَّم على ذي سببٍ واحد (٦)، فكان الصَّرف إليهم أولى" (٧)، كذا في المبسوط.


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٠ - ١٠١).
(٢) في (ب) "تعدده".
(٣) في (ب) "برجمه".
(٤) في (ب) "يعني".
(٥) في (أ) "نيته".
(٦) في (ب) "ألا ترى أن الأخ لأب وأم مقدّم على الأخ لأب في العصوبة" بعد قوله "سبب واحد".
(٧) المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠١).