للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(على ما بيَّنَّاه) وهو قولُه: (لأنَّه مكلَّف محتاج … ) إلى آخره، لأنَّ ما ذكرناه من المعاني تَجمع الكَسبينِ، وليس في الرِّدة أكثر من أنَّه صار مشرفًا على الهلاك، فيكون كالمريض والمكتسب في مرض الموت، كالمكتسب في الصحة في حكم الإرث.

(ويستند إلى ما قُبَيل ردَّته) أي: يستند التَّوريث (١)، وبه صرَّح في المبسوط، فيجعل كأنَّه اكتسبه في حال الإسلام فورثه وارثه منه من وقت الإسلام.

(أنَّه يمكن الاستناد (٢) أي: استناد (٣) التَّوريث.

(لوجوده قبل الرِّدَّة) أي: لوجود الكسب قبل الرِّدَّة.

(لعدمه قبلها) أي: لعدم الكسب قبل الرِّدَّة.

(ومن شرطه وجوده قبلَها) أي: ومن شرط إسناده التَّوريث وجود الكسبِ قبل الرِّدَّة ليكون فيه توريث المسلم من المسلم، لأنَّا لو قلنا بالتوريث فيما اكتسبه في حال الرِّدة يلزم توريث المسلم من الكافر، وذلك لا يجوز.

(وبقي وارثًا إلى وقت موته) حتَّى لو حَدَث وارثٌ له بعد الرِّدَّة لا يرثه كما إذا أسلم بعض قرابته بعد ردَّته أو وُلِد له من عَلوق (٤) حادِثٍ بعد ردَّته، فإنَّه لا يرثه على هذه الرِّواية لأنَّ سبب التَّوريث الرِّدَّة، فمَن لم يَكُن موجودًا عند ذلك لم ينعقِد له سببُ الاستحقاق؛ ثُمَّ تمام الاستحقاق بالموت فإنَّما يتِمُّ في حقِّ مَن انعقَد له السَّبب، لا في حقِّ مَن لم ينعقِد له السَّبب، ثُمَّ في حقِّ مَن انعقد له السَّبب يُشترط بقاؤه إلى وقت تمام الاستحقاق، فإذا مات قبل ذلك يبطُل السَّبب في حقِّه، كما في البيع الموقوف (٥) يتِمُّ الملك عند الإجازة، ولكنْيشترط قيام المعقود عليه عند الإجازة حتَّى إذا هلك قبل ذلك بطل السبب؛ هذه رواية الحسن عن أبي حنيفة. أمَّا (٦) في رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- يُعتَبر وجودُ الوارِث وقتَ الردَّة (٧).


(١) أنه يستند التوريث إلى أول الردة ليكون فيه توريث المسلم من المسلم. المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٦).
(٢) في (ب) "الإسناد".
(٣) في (ب) "إسناد".
(٤) العَلوقُ: ما تَعْلَقُه الإبل، أي ترعاه. وقال الأعشى:
هو الواهب المائة المصطفاة لاط العلوق بهن احمرارا
يقول: رعين العلوق حتّى لاط بهن الاحمرار من السمن والخصب. ويقال أراد بالعلوق الولد في بطنها. الصّحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٥٣٠).
(٥) البيع الموقوف: فهو أن يوجد الرّكن مع وجود شرط الانعقاد والأهلية، لكن لم يوجد شرط النفاذ، وهو الملك والولاية، بيانه: أنّ الفضولي إذا باع مال غيره مِن إنسان أو اشترى لغيره شيئًا معينًا. تحفة الفقهاء (٢/ ٣٤).
(٦) في (ب) "وأما".
(٧) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٢).