للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وافتخاره بذلك مشهور) فإنَّ عليًا -رضي الله عنه- أَسلم وهو صَبي (١)، وحسُن إسلامه حتَّى افتخر به في شعره حتى قال:

سبقتكم إلى الإسلام طُرًا … غلامًا ما بلغت أوان حلمي (٢)

و [اختلفت] (٣) الرِّواية في سِنّه حين أسلم وحين مات. قال جعفر بن محمد: أسلم وهو ابن خمس سنين، ومات وهو ابن ثمانٍ وخمسين سنة لأنَّالنَّبي -عليه السلام- دعاه إلى الإسلام في أوَّل مَبعثه، ومدّة البَعث ثلاثٌ وعشرون سنة، والخلافة بعده ثلاثون سنة، انتهت بموت علي -رضي الله عنه-. فَإذا ضَمَمْت خمسًا إلى ثلاث وخمسين يكون ثمانيًا وخمسين. وقال القتبي (٤): أسلم وهو ابن سبع سنين ومات وهو ابن ستين بهذا الطريق أيضًا (٥)؛ ولأنَّه مع الصِّبا أهلٌ للرسالة. قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: ١٢]، فعُلم ضرورةً أنّه أهل الإسلام؛ ثم بعد وجود الشيء حقيقةً إمّا أنْ يسقط اعتباره بحجْر شرعي، ولا يُظن ذلك ههنا إذ الحجر عن الإسلام كُفر، ولا يُحكم بصحته لضرر يلحقه، ولا تصوُّر لذلك في الإسلام؛ فإنَّه سبب الفوز (٦) والسعادة الأبدية، فيكون محضُ منفعة في الدُّنيا والآخرة.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة -رضي الله عنهم-، باب ذكر إسلام أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، برقم (٤٥٨١) ٣/ ١٢٠.
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ أَوِ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً".
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: وهو منقطع أيضًا، وقال الحاكم عقبه: "هذا الإسناد أولى من الأوّل، وإنّما قدمت ذلك لأنى علوت فيه". إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٨/ ١٣٢).
(٢) الحماسة المغربية (١/ ٥٦٨).
(٣) في (أ) "واختلف".
(٤) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ، أبو محمد: من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين. ولد ببغداد وسكن الكوفة. ثم ولي قضاء الدينور مدة، فنسب إليها. وتوفي ببغداد. سنة (٢٧٦) من كتبه "تأويل مختلف الحديث" - ط و "أدب الكاتب" - ط و"المعارف" - ط "وكتاب" المعاني - ط ثلاثة مجلدات، و "عيون الأخبار" - ط و "الشعر والشعراء" - ط و"تفسير غريب القرآن" وغيرها. وفيات الأعيان (٣/ ٤٢)
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٢١)، شرح السير الكبير (ص: ٢٠٢)، العناية شرح الهداية (٦/ ٩٥)، تاريخ دمشق لابن عساكر (٤٢/ ٥٦٩).
(٦) في (ب) "للفوز".