للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ قيل: لوثبت الملك للفقير قَبل الإجازة لما ثبَت للمالك حقُّ الأخذ إذا كان قائمًا في يد الفقير. قلنا: ثبوت الملك لا يمنع صحة الاسترداد كالواهب يملك الرُّجوع بعد ثبوت الملك للموهوب له، وكالمرتدِّ إذا عاد مِن دار الحرب مسلمًا بعد ما قُسمت أمواله بين ورثته فإنَّه يأخذ ما كان قائمًا منها بعد ثبوت الملك لهم.

(بخلاف بيع الفُضولي (١) بضَمّ الفاء. فإنّ الملك فيه للمشتري إنَّما يثبت بعد إجازة المالك بيعَ الفضولي؛ ونفاذ الإجازة (٢) إنَّما يكون فيما إذا كان المحلُّ باقيًا وقت الإجازة (٣). فلذلك اشترط قيام المحلّ لنفوذ الإجازة (٤) في بَيع الفضول.

وذكر في الفصول للإمام الأسروشني (٥): يشترط لصحَّة الإجازة (٦) في بيع الفُضولي قيام أربعة أشياء وهي: البايع، والمشتري، والمالك، والمبيع، ولا يشترط قيام الثَّمن في يد البايع، فإنْهلك واحد من الأربعة لا تجوز الإجازة (٧)، ويجيء تمامه في "البيوع" إنْ شاء الله تعالى. (وإن شاء ضمن الملتقِط) وحاصله أنَّ المالك إذا لم يُجِز التصدُّق فلا يخلو إمَّا أنْ كانت اللُقطة قائمةً في يد الفقير أو هالكة؛ فإنْ كانت قائمة يأخذها مِن الفقير، وإن كانت هالكة فله الخيار إنْ شاء ضمَّن الفقير، وإنْ شاء ضمَّن الملتقِط، وأيهما ضمَّن لا يرجع على صاحبه بشيء، فإنْ ضمَّن الملتقِط ملكها الملتقط مِن وقت الأَخذ فيكون الثَّواب له/.

وحُكي عَن القاضي الإمام أبي جعفر (٨) أنَّه كان يقول: "ما ذكر في الكتاب محمول على ما إذا تصدّق بغير أمر القاضي، فأمَّا إذا تصدَّق بأمر القاضي فليس للمالك أنْ يضمَن الملتقِط" (٩)، ولكن هذا ليس بصواب؛ لأنَّ تصدُّق الملتقط بأمر القاضي لا يكون أعلى حالًا من تصدُّق القاضي بنفسه، وهناك يضمَن القاضي فههنا أولى (١٠)؛ كذا في الذخيرة، وفتاوى قاضي خان.


(١) بيع الفضولي: اصطلاحًا: من لم يكن وليّا، ولا أصيلًا، ولا وكيلًا. معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (١/ ٤١١).
(٢) في (أ) "الإجارة"، والصحيح ما في (ب) لموافقته سياق الكلام.
(٣) في (أ) "الإجارة"، والصحيح ما في (ب) لموافقته سياق الكلام.
(٤) في (أ) "الإجارة"، والصحيح ما في (ب) لموافقته سياق الكلام.
(٥) للشيخ، الإمام، مجد الدين، أبيالفتح، محمد بن محمود الأسروشني، الحنفي. المتوفى: سنة (٦٣٢ هـ)، وهو (صاحب الفصول) المشهور، وقد سمي كتابه هذا: (بجامع الصغار)، لكنه لم يعرف به. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ١).
(٦) في (أ) "الإجارة"، والصحيح ما في (ب) لموافقته سياق الكلام.
(٧) ينظر المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٤٣٢).
(٨) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن سليم بن سليمانابن حباب الأزدي الحجري المصري
أبو جعفر، الطحاويالإمام، الفقيه، الحافظ، المحدث، صاحب التصانيف الفائقة، والأقوال الرائقة، والعلوم الغزيرة، والمناقب الكثيرة. توفي سنة ٣٢١ هـ. الطبقات السنية في تراجم الحنفية (ص: ١٣٦).
(٩) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٥/ ٤٣٨).
(١٠) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ٣٣٢).