للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: نعم كذلك إلّا أنَّ تأويل هذا فيما إذا سلَّمه إلى المتولّي، وقد كان شرط الولاية لنفسه حين وقفه كان له (١) الولاية بعد ما سلَّمه إلى المتولّي؛ فإنّه ذكر في فتاوى قاضي خان بعد ما ذكر مذهب هلال كما ذكرنا فقال: وذكر محمد في السِّيَر أنّه إذا وقف ضيعة وأخرجها إلى القيّم لا يكون له الولاية بعد ذلك إلّا أنْ يشترط الولاية لنفسه. وأمّا إذا لم يشترط في ابتداء الوقف فليس له ولاية بعد التّسليم … [إلى أنْ قال: وهذه المسألة بناء على أنّ عند محمد التّسليم إلى المتولّي شرط لصّحّة الوقف فلا يبقى له ولاية بعد التسليم] (٢) إلّا أنْ يشترط الولاية لنفسه، فأمّا على قول أبي يوسف فالتّسليم إلى المتولّي ليس بشرط، فكانت الولاية للواقف وإن لم يشترط الولاية لنفسه (٣)، ومثل هذا الّذي ذكره في الكتاب مذكور في الذّخيرة والتّتمة (٤).

ويحتمل أنْ يكون معنى قوله: (إنْ شرط الواقف الولاية لنفسه كانت له) فيما إذا شرط الولاية لنفسه يعني: إذا شرط الولاية لنفسه يسقُط اشتراط التّسليم إلى المتولّي عنده أيضًالأنّ شرائط الواقف تراعى إذا شرطها، فمِن ضرورة رعاية شرطه كان سقوط اشتراط التّسليم، كذا وجدتُ في موضع ثقة (٥).

وذكر في فتاوى قاضي خان: لو قال: أرضي موقوفة إنْ شئت أو أحببتَ؛ كان الوقف باطلًا في قولهملأنّ هذا تعليق، وتعليق الوقف بالشّرط باطل في قولهم. ولو قال أرضي صدقة موقوفة إنْ شئتَ؛ ثُمَّ قال: شئتُ؛ كان الوقف باطلًا لما قلنا إنّه تعليق، ولو قال: شئت، وجعلها (٦) صدقة موقوفة صحّ (٧) لأنَّه ابتداء وقف (٨) (٩).

فصل:

لما كانت أحكام هذا الفصل مخالِفة لأحكام مسائل الوقف الّتي قبله في الشّروط، وعدم اشتراط التّسليم إلى المتولّي عند محمد، ومنع الشّيوع عند أبي يوسف، وخروجه عن ملك الواقف عند أبي حنيفة، وإنْ لم يحكم به الحاكم ذكرها بفصل على حِدة حتّى أَّن مَن اتّخذ مسجدًا لا يشترط تسليمه إلى المتولِّي بل الصّلاة فيه بمنزلة التّسليم والشّيوع مانع من اتّخاذ المسجد خلافًا لأبي يوسف في غير المسجد، ويخرج المسجد عن ملك من اتّخذه مسجدًا، وإنْ لم يحكُم به الحاكم عند أبي حنيفة.


(١) ساقط من (ب).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٣) ينظر فتاوى قاضي خان (٣/ ١٦٦).
(٤) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٣١).
(٥) ينظر شرح السير الكبير (ص: ٢١١١)، فتح القدير (٦/ ٢٣١).
(٦) في (ب) "وجعلتها".
(٧) في (ب) "صح موقوفة" بدل قوله "موقوفة صح".
(٨) في (ب) "والله أعلم" بعد قوله "وقف".
(٩) ينظر فتاوى قاضي خان (٣/ ١٧٢).