للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أو بالكيل في المجلس) (١)

وإنما قيد بهذا لأنه إذا سمى جملة قفزانها، أو كان بعد الافتراق عن المجلس، لا يصح، وإنما يصح إذا علم في المجلس؛ لأن ساعات المجلس بمنْزلة ساعة واحدة، فصار العلم في المجلس كالعلم في (٢) حالة العقد.

وأما إذا افترقا تقرَّر الفساد لجهالة الثمن فلا ينقلب جائزاً.

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا كان الفساد بحكم شرط أجل مجهول، أو شرط الخيار أربعة أيام، فإنه ينقلب جائزاً، إذا رفع المفسد بعد الافتراق عن المجلس أيضاً؟.

قلت: إن الفساد ثمة لم يكن (٣) في صلب العقد، فلا ينعقد (٤) بالمجلس؛ لأن أثر الفساد هناك لا يظهر في الحال، بل يظهر عند دخول اليوم الرابع، وامتداد الأجل إلى هذا أشار في الجامع الصغير لقاضي خان (٥).

(ولهما أن الجهالة بيدهما إزالتها، ومثلها غير مانع)

فإن قيل (٦): بل مثلها/ مانع أيضاً؛ لجواز البيع، كما في البيع بالرقم (٧)، فإنه فاسد،


(١) قال في الهداية: "فيصرف إلى الأقل، وهو معلوم، وإلا أن تزول الجهالة بتسمية جميع القفزان، أو بالكيل في المجلس، وصار هذا كما لو أقر وقال: لفلان علي كل درهم، فعليه درهم واحد بالإجماع" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٢).
(٢) سقط من (ب).
(٣) "يتمكن" في (ب).
(٤) "يعقد" في (ب).
(٥) القاضي خان هو: الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز الأوزجندي الفرغاني، الإمام الكبير المعروف بقاضي خان، فخر الدين، توفي ليلة الاثنين، خامس عشر من رمضان، سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة، وله الفتاوى، أربعة أسفار كبار، وشرح الجامع الصغير فى مجلدين كبيرين. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٢٠٥).
(٦) "قلت " كذا في (ب).
(٧) ولا يجوز بيع الشيء برقمه، والمراد الثمن لا يعلم به المشتري حتى ينظره بعد العقد، وهذا قول الحنفية والشافعية والحنابلة. والرقم: علامة يعلم بها مقدار ما وقع البيع به من الثمن. والبيع بالرقم فاسد؛ لأن فيه زيادة جهالة تمكنت في صلب العقد، وهي جهالة الثمن؛ لأنها برقم لا يعلمه المشتري، فصار بمنْزلة القمار؛ للخطر الذي فيه أنه سيظهر كذا وكذا، وإن علم ذلك في المجلس جاز العقد، وإن تفرقا قبل العلم بطل، وورد في المغني لابن قدامة: (قال أحمد: ولا بأس أن يبيع بالرقم، ومعناه: أن يقول: بعتك هذا الثوب برقمه، وهو الثمن المكتوب عليه إذا كان معلوماً لهما حال العقد، وهذا قول عامة الفقهاء، وكرهه طاوس، ولنا أنه بيع بثمن معلوم، فأشبه ما لو ذكر مقداره، أو ما لو قال: بعتك هذا بما اشتريته به وقد علما قدره، فإن لم يكن معلوماً لهما، أو لأحدهما لم يصح؛ لأن الثمن مجهول، وقال في المدونة: "في الذريعة والخلابة قلت: أرأيت إن اشتريت ثياباً ثم رقمتها بستر من شرائي، ثم بعتها من الناس برقومها، ولم أقل: قامت علي بذلك أيجوز هذا البيع أم لا؟ قال: سألت مالكاً عن هذا غير مرة، وسمعته سئل عنه غير مرة فكرهه كراهية شديدة، وخاف في ذلك الذريعة إلى الخلابة وإلى ما لا يجوز".
بدائع الصنائع (٥/ ١٥٩)، المحيط البرهاني (٦/ ٣٦٨)، البحر الرائق (٥/ ٢٩٢)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين رد المحتار (٤/ ٥١٤)، المهذب (٢/ ١٩)، مغني المحتاج (٢/ ٣٥٥) المدونة (٣/ ٢٠٤)، المغني (٤/ ١٤١).