للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن بيّن المدة أكثر من ثلاثة أيام، قال أبو حنيفة -رحمه الله -: البيع فاسد (١)، وقال محمد - رحمه الله -: البيع حائز" (٢)، وقول أبي يوسف مضطرب في بعض الروايات، مثل قول محمد اعتباراً بالملحق به (٣)، وفي بعض الروايات قوله مثل قول أبي حنيفة، فعلى هذه الرواية يحتاج إلى الفرق بين هذا الشرط وبين البيع بشرط الخيار، والفرق له أن القياس يأبى جواز العقد مع هذا الشرط، ومع شرط الخيار، وإنما تركنا القياس في الموضعين بالنص، والنص مع هذا الشرط مقدر (٤) بثلاثة أيام، وفي شرط الخيار (٥) ورد النص بالزيادة على ثلاثة أيام، كذا في الذخيرة والجامع الصغير لقاضي خان (٦).

(والأصل فيه أن هذا في معنى اشتراط الخيار)

فإن قلت (٧): لا نسلِّم أن هذا الشرط في معنى اشتراط الخيار، بل هذا خلاف ذلك؛ وذلك لأن هناك لو سكت حتى مضت المدة تم البيع، وههنا لو سكت حتى مضت المدة يبطل البيع، وجواز البيع مع شرط الخيار ثابت بالنص بخلاف القياس، فلا يلحق به غيره إلا إذا كان في معناه من كل وجه، وبما ذكرت في المعنى، يعلم أنه ليس في معناه من كل وجه فلا يلحق به.

قلت: الاعتبار في كون الشيء بمعنى شيء آخر لما هو المقصود فيهما لا لمعنى زائد فيهما، ثم هذا الشرط من حيث المقصود كشرط الخيار؛ لأنه إنما يشترط الخيار ليتروى النظر فيه، ويكون مخيراً في الأيام الثلاثة (٨) بين فسخ العقد وإتمامه، وبهذا الشرط أيضاً لا يحصل إلا هذا المقصود، والشرع إنما جوز شرط الخيار لهذا المقصود في حديث حبان بن منقذ -رضي الله عنه- (٩)، فألحق به ما هو بمعناه في ذلك لمقصود الذي جاء الشرع لأجله، إلى (١٠) هذا أشار في المبسوط (١١).


(١) وعليه زفر والشافعي. وقال مالك: "مدة الخيار ما يمكن اختبار المبيع في مثله، ويختلف باختلاف الأشياء ". مختصر الوقاية (٢/ ٤٦)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٥٢٤).
(٢) قال في الأصل: "وإذا اشترى الرجل ثوباً على أنه إن لم ينقده الثمن إلى أربعة أيام أو إلى شهر فلا بيع بينهما فالبيع في هذا فاسد، لا يجوز، وهذا بمنْزلة الخيار إلى هذه المدة في قول أبي حنيفة، وأما في قول محمد فهو جائز" الأصل (٥/ ٩٨)، المحيط البرهاني (٦/ ٤٨٦).
(٣) الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٤٦).
(٤) "مقيد" في (ب)، وكتبت في (أ) تحت هذه الكلمة.
(٥) سقط من (ب).
(٦) قال في البدائع: " وأبو يوسف فرق بينهما، ووجه الفرق له: أن القياس يأبى الجواز في الموضعين جميعاً، إلا أن الجواز في شرط الخيار عرفناه بأثر ابن سيدنا عمر - رضي الله عنهما - فبقي هذا على أصل القياس" ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٧)، بدائع الصنائع (٥/ ١٧٥)، تبيين الحقائق (٤/ ١٥).
(٧) "قيل" في (ب).
(٨) "ثلاثة أيام" قلب بينهما في (ب).
(٩) تقدم تخريجه ص ١٤١.
(١٠) سقط من (ب).
(١١) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٧).