للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما فسخه بالقول لا يصح إلا بحضرة البائع عند أبي حنيفة ومحمد، خلافاً لأبي يوسف (١) - رحمهم الله-.

وأما فسخه بالفعل: هو أن يكون الثمن عيناً، فيتصرف فيه (٢) تصرف الملاك، انفسخ العقد، سواء كان البائع حاضراً أو غائباً، على ما ذكرنا في جانب البائع.

وقال أبو يوسف - رحمه الله -: يجوز، وكذا الرد بخيار الرؤية على الاختلاف.

وأما فسخ البيع لفساد/ في البدل فلكل واحد منهما الفسخ بحضرة صاحبه.

وذكر الإمام الإسيبجابي- رحمه الله - عند أبي يوسف بغيبته أيضاً (٣)، وإن كان الفساد لشرط منفعة لأحدهما فلكل واحد منهما الفسخ قبل القبض، وأما بعده فالفسخ لمن له الشرط بحضرة صاحبه، وليس لصاحبه الفسخ بلا رضاه، كذا ذكره الإمام التمرتاشي - رحمه الله -، وإنما كني بالحضرة عن العلم بطريق ذكر السبب وإرادة المسبب (٤) (٥)؛ لأن الحضور سبب العلم، وصار كالوكيل، فإن الوكيل له (٦) أن يتصرف فيما وكل به، وإن كان الموكل غائباً.

قوله (٧): (ولهما أنه تصرف في حق الغير)

أي: أن الفسخ تصرُّفٌ ممن له الخيار في حق من ليس له الخيار، فقوله (٨): قولهما: إنه بالفسخ يلزم غيره حقاً فلا يثبت حكم (٩) تصرفه في حق ذلك الغير ما لم يعلم به، كالموكل إذا عزل الوكيل حال غيبته، لا يثبت حكم العزل في حقه ما لم يعلم به.

وبيان الوصف أن العقد ينعقد مع الخيار، وبالفسخ ارتفع الانعقاد في حق الآخر، وتأثيره أنه لا يتمكن صاحبه من العمل بموجب الفسخ إذا لم يعلم به، [ولا يثبت حكم الخطاب في حق المخاطب ما لم يعلم به (١٠) (١١)، كما في خطابات الشرع يقرره أن البائع لا يطلب لسلعته مشترياً آخر إشكالاً على استتمام البيع بانقضاء المدة، فيتضرر البائع، وهذا ضرر يلحق بتصرف المشتري، والمشتري -وإن كان يتضرر بانتفاع الفسخ- ولكن هذا ضرر يلحق لا من جهة البائع، بل لعجز المشتري عن إيجاد شرط صحة الفسخ، "وهذا بخلاف الإجارة؛ لأنه لا يلزمه البائع بإجازته شيئاً، وهو نظير الرضا بالعيب من المشتري، فإنه يصح من غير علم البائع.


(١) المحيط البرهاني (٦/ ٥٢٤).
(٢) سقط من (ب).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٣٠١).
(٤) سقطتا من (ج).
(٥) قال البخاري: "والمسبب مفتقر إلى السبب افتقار المعلول إلى العلة؛ لقيامه به، فيصلح ذكر السبب وإرادة ما هو من لوازمه تقديراً، وهو المسبب" كشف الأسرار (٢/ ٧١).
(٦) سقط من (ب).
(٧) سقط من (ج).
(٨) "فوحهه" في (ب) و (ج).
(٩) "حق"في (ب) و (ج).
(١٠) القاعدة (حكم الخطاب) وهذه الجملة من ألفاظها. موسوعة القواعد الفقهية (٩/ ٣٣٣).
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).