للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: إن المشروط له الخيار مسلط على التصرف من جهة صاحبه.

قلنا: لا كذلك، وكيف يقال ذلك وصاحبه لا يملك الفسخ، ولكن إنما يتمكن من الفسخ؛ لأن العقد غير لازم من جانب من له الخيار، بانتفاء وصف اللزوم يتمكن من (١) الفسخ من غير رضا صاحبه، ولا يتمكن من الفسخ من غير علمه، كما في الوكالات (٢) والشركات (٣) والمضاربات (٤)، وبهذا الحرف تقع الفرق بين هذا وبين الوكيل؛ لأن الوكيل مسلط على التصرف من الموكل"، كذا في المبسوط (٥) والفوائد الظهرية.

(لأنه عساه يعتمد)

أي: لأن الغير الذي ليس من جانبه الخيار يعتمد

(تمام البيع السابق فيتصرف فيه، فيلزمه غرامة القيمة بالهلاك)

يعني لو فسخ من له الخيار -وهو البائع مثلاً- في مدة الخيار، وتصرف المشتري بعد مدة الخيار، بناءً على أنه لزم البيع بمضي المدة، والحال أنه قد (٦) فسخ البائع البيع قبل مضي المدة من غير علم المشتري، يجب القيمة على المشتري حينئذ، على تقدير أن يكون (٧) الهلاك، وفي الجائز أن يكون القيمة أكثر من الثمن، فيتضرر المشتري بلزوم زيادة (٨) قيمة لم يلتزمها المشتري، وهذا الضرر على المشتري على تقدير أن يكون الخيار للبائع، وأما الضرر على البائع ففيما إذا كان الخيار للمشتري، وقد مضت المدة، فاعتمد البائع على لزوم البيع، ولم (٩) يطلب مشترياً آخر، وقد كان فسخ المشتري البيع بدون علم البائع، ولم يصل البائع إلى ما رامه (١٠) من البيع، وقضاء حاجته بثمن سلعته، فلدفع أحد هذين الضررين اللازمين


(١) سقط في (ب).
(٢) الواو والكاف واللام: أصل صحيح يدل على اعتماد غيرك في أمرك.
وهي شرعاً: تفويض أحدٍ أمرَه لآخَر وإقامتُه مقامَه، ويقال لذلك الشخص: مُوَكِّل، ولمن أقامه وكيلٌ، والأمْرُ موكَّل به. وقال الكاساني: "وفي الشريعة يستعمل في هذين المعنيين أيضاً على تقرير الوضع اللغوي، وهو تفويض التصرف، والحفظ إلى الوكيل؛ ولهذا قال أصحابنا: إن من قال لآخر: وكلتك في كذا، أنه يكون وكيلاً في الحفظ؛ لأنه أدى ما يحتمله اللفظ، فيحمل عليه. الصحاح (٥/ ١٨٤٥)، مقاييس اللغة (٦/ ١٣٦)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ٢٠)، التعريفات الفقهية (ص: ٢٣٩).
(٣) الشركة: مخالطة الشريكين. يقال: اشتركنا بمعنى تشاركنا، وجمع الشريك: شركاء، وأشراك. والخُلْطَةُ -بالضم: الشِرْكةُ، والخليط: الشريك، والخلطة: الشركة -بكسر الخاء-.
قال في الاختيار: "وهي في الشرع: الخلطة وثبوت الحصة".
تهذيب اللغة (١٠/ ١٣)، الصحاح (٣/ ١١٢٤) طلبة الطلبة (ص: ١٨)، الاختيار (٣/ ١١)، التعريفات الفقهية (ص: ١٢٢).
(٤) المُضَارِب: هو العاملُ في المضاربة، ويقابله رَبُّ المال. وأصل المضاربة من الضرب في الأرض، والمُضَارَبة: في الشرع عقدُ شركة في الربح بمال من رجل وعمل من آخر، وهي إيداعٌ أولاً، وتوكيلٌ عند عمله، وشركةٌ إن ربح، وغَصْبٌ إن خالف، وبضاعةٌ إن شرط كلَّ الربح للمالك، ومقارضةٌ إن شرط كل الربح للمضارب.
شمس العلوم (٦/ ٣٩٦٠)، طلبة الطلبة (ص: ١٤٨)، التعريفات الفقهية (ص: ٢٠٩).
(٥) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٥).
(٦) سقط من (ب).
(٧) سقط من (ب).
(٨) سقط من (ب).
(٩) الواو سقط من (ب).
(١٠) رام يروم إذا طلب. تهذيب اللغة (١٥/ ٢٠٢)، تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم (ص: ٤١٥).