للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: تأويل النهي عن بيع ما ليس عند إنسان بيع ما ليس في ملكه بدليل قصة الحديث، فإن حكيم بن حزام (١) -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، إن الرجل يطلب مني سلعة ليست عندي فأبيعها منه، ثم أدخل السوق فأستجيدها فأشتريها فأسلمها إليه فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تبع ما ليس عندك» (٢).

والدليل على أن المراد من النهي هذا أيضاً؛ أنه لو باع عيناً حاضراً عنده لا يملكه ثم ملكه فسلم لم يجز، ولو باع عيناً في ملكه غائباً عن حضرته وقد رآه المشتري جاز إذا بين مكانه، وإذا حضر عنده، وقد كان في كفه ولم يره المشتري لم يجز عند الخصم وقد (٣) باع ما عنده، وأما السلم فإنما لا يجوز عند ترك الوصف.

"لما أن جهالة الوصف هناك تفضي إلى المنازعة المانعة عن التسلِيم (٤) والتسلُّم؛ لأن العقد في باب السلم يرد على الأوصاف؛ لأن الدَّين وصف في الذمة والبدل بمقابلها، فإذا لم يذكر الأوصاف عند العقد (٥) لانعدام المعقود عليه، وبيع الجنين في البطن إنما لا يجوز لانعدام المالية فيه مقصوداً، فإن في البطن جزءاً من أجزاء الأم، ألا ترى أنه لا يحتمل التزويج مقصوداً، فكذلك البيع بخلاف ما نحن فيه" كذا في المبسوط (٦) والأسرار؛ [لأن الخيار معلق بالرؤية؛ لما روينا وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار] (٧) إذا رآه» (٨)، ولما كان خيار الرؤية ثبت عند الرؤية، فالإبطال قبل الرؤية إبطال قبل الثبوت، فلا يصح لما أن المعلق بالشيء (٩) عدم قبل وجود ذلك الشيء، فلذلك لا يصح إسقاطه قبل الرؤية.


(١) حَكِيْمُ بنُ حِزَامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدٍ الأَسَدِيُّ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلَابٍ، أَبُو خَالِدٍ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ. أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَغَزَا حُنَيْناً وَالطَّائِفَ. وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وَعُقَلَائِهَا، وَنُبَلَائِهَا. وَكَانَتْ خَدِيْجَةُ عَمَّتَهُ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ ابْنَ عَمِّهِ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ هِشَامٌ الصَّحَابِيُّ، وَحِزَامٌ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ، وَآخَرُوْنَ، وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ. مات سنة ستين وهو ابن عشرين وَمِائَةِ سَنَةٍ، عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سِتِّينَ سَنَةً، وَفي الإِسْلامِ سِتِّينَ سَنَةً- قَاله إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ. التاريخ الكبير (٣/ ١١)، تهذيب الكمال (٥/ ٥٨٧) سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٤).
(٢) سبق تخريجه ص ٢١١.
(٣) "ولو" في (ب).
(٤) "السلم" في (ج).
(٥) "لم يجز العقد" زيادة في (ب) و (ج).
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي. (١٣/ ٧٠).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٨) سبق تخريجه ص ٢١١
(٩) سقط من (ب).