للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الفوائد الظهيرية (١): "والأصل في هذا أن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة، وكذا خيار الشرط، وكذا خيار العيب قبل القبض، وخيار العيب بعد القبض لا يمنع تمام الصفقة، أما خيار الشرط وخيار الرؤية فباعتبار الخلل في الرضا، وكذلك العقد قبل القبض غير تام؛ لأنه لا يفيد ملك التصرف، وإن كان يفيد ملك الرؤية، وخيار العيب بعد القبض لا يمنع تمام الصفقة؛ لأنه إنما يثبت لفوات وصف من أوصاف المبيع، وفوات بعض الأوصاف لا يكون أقوى من فوات بعض المبيع، وذلك لا يمنع تمام الصفقة إذا اتصل به القبض، وتفريق الصفقة قبل التمام لا يجوز اعتباراً بابتداء الصفقة، فإنه إذا أوجب البيع في شيئين لا يمكن المشتري القبول في أحدهما؛ لما فيه من الإضرار بالبائع لجريان العادة، فيما بين الناس بضم الرديء إلى الجيد ترويجاً للرديء بالجيد (٢).

فإن قيل: هذا المعنى موجود في خيار العيب بعد القبض، ومع ذلك يملك التفريق، وإن كان فيه احتراز بالبيع.

قلت: التفريق قبل القبض أضر؛ لمكان التفرد والاستبداد بالرد؛ لأنه يرتد بمجرد الرد، والتفريق بعد القبض أخف ضرر؛ لافتقار الرد بعد القبض الى الرضاء والقضاء. وقوله:

(ثم لا يرده وحده، بل يردهما)

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين مسألة الاستحقاق إذا اشترى ثوبين أو عبدين واستحق أحدهما لا يرد الباقي وههنا، وفي خيار الشرط إذا رد أحدهما يرد الآخر أيضاً.

قلت: الفرق بينهما من/ حيث لزوم تفريق الصفقة، وعدم لزومه، ففي خيار الرؤية والشرط لو رد أحدهما دون الآخر يلزم تفريق الصفقة؛ لما ذكرنا أن الصفقة لا تتم مع بقاء (٣) خيار الرؤية والشرط، وأما في فصل الاستحقاق ففيما ذكرنا من الصورة أن الباقي» (٤) غير معيب بعيب الشركة، ولم تتفرق الصفقة على المشتري قبل التمام، بل الصفقة تمت فيما كان ملك البائع، حتى إذا كان المبيع عبداً واحداً في فصل الاستحقاق بأن استحق بعضه كان له أن يرد الباقي أيضاً، كما في خيار الرؤية والشرط؛ لأن الشركة في الأعيان المتجمعة عيب، والمشتري لم يرض بهذا العيب، لكن في صورة الاستحقاق ولاية رد الباقي لدفع ضرر يلزم المشتري، وفي خيار الرؤية والشرط لزوم رد الآخر لدفع ضرر يلزم البائع. إلى هذا أشار في الجامع الصغير لقاضي خان (٥).


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٩٣).
(٢) قال في المحيط: "لأن ضم الرديء إلى الجيد لترويج الكل بالثمن الجيد معتاد فيما بين الناس، فلو جاز التفريق فالمشتري يأخذ الجيد ويرد الرديء، ويتعذر على البائع ترويج الرديء بعد ذلك بثمن الجيد، فيلحق البائع ضرر مالي من هذا الوجه" المحيط البرهاني (٦/ ٤٩٠).
(٣) في هامش (أ).
(٤) ما بين القوسين المتتاليين سقط من (ب) في ترتيب الألواح ..
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٣٥١).