للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج محمد -رحمه الله- في المسألة بما روي: أن قومًا من [عرينة] (١) أتوا المدينة فاجتووها أي لم توافقهم المدينة فاصفرت ألوانهم وانتفخت بطونهم، فأمرهم رسول الله بأن يخرجوا إلى إبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها، [فخرجوا وشربوا من أبوالها وألبانها] (٢) وصحوا، ثم ارتدوا ومالوا إلى الرعاة وقتلوهم واستاقوا الإبل، فبعث رسول الله عليه السلام في أثرهم قومًا فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في شدة الحر حتى ماتوا (٣).

قال الراوي وهو أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (حتى رأيت بعضهم يكدم الأرض بفيه من شدة العطش).

فرسول الله أمرهم بشربها، ولو كان نجسًا لما أمرهم بذلك؛ لأنه لو كان نجسًا كان حرامًا. وقال -عليه السلام-: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» (٤). فالاعتماد لمحمد -رحِمَهُ الله- في المسألة على هذا الحديث.


(١) في (ب): «عرنة».
(٢) ساقط من (ب).
(٣) الحديث رواه الأئمة الستة، البخاري في صحيحه (١/ ٤٠٠) كتاب الوضوء باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، برقم (٢٣٣)، بإسناده عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ»، قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله. رواه مسلم في صحيحه (٣/ ١٢٩٦) كتاب القسامة والمحاربين، باب حكم المحاربين والمرتدين برقم (١٦٧١).
(٤) سبق تخريجه في (ص ٢٣٧).