للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومعرفته)

أي: معرفة قيام العيب.

(إن شاء حلفه بالله ما له حق الرد عليك)

أي: ليس للمشتري حق الرد عليك أيها البائع،

(أو بالله ما أبق عندك قط)

أي: عندك أيها البائع، كان من حق الحلف أن يقول: بالله ما أبق عندي قط، لكن القاضي يخاطب البائع بهذا، والبائع عند الحلف أن (١) يقول: ما آبقٌ عندي قط.

فإن قيل: في دعوى الإباق والسرقة ينبغي (٢) أن يحلف على العلم دون البتات؛ لأنه تحليف على فعل الغير، فإن المراد به سرقة العبد وإباقه، والعبد غير البائع.

قلنا: له من وجهين:

أحدهما: ما قاله شمس الأئمة الحلواني: قولنا: "التحليف على فعل الغير يكون على العلم يطرد في جميع المسائل، إلا في دعوى الإباق والسرقة، وإنما يحلف على البتات؛ لأن البائع ضمن تسليم المبيع سليماً، فالاستحلاف يرجع إلى ما ضمن بنفسه فلذلك يحلَّف على البتات" (٣).

والثاني: أن التحليف على فعل الغير إنما يكون على العلم إذا ادعى الذي يحلف أنه لا علم له بذلك، أما إذا ادعى أن لي علماً بذلك، فيحلف على البتات، ألا ترى أن المودع إذا قال: قبض المودع الوديعة، فالقول قول المودع، ويحلف على البتات؛ لادعائه العلم بذلك، وإن كان القبض فعل المودع. كذا في الفوائد الظهيرية (٤).

وذكر في الجامع الصغير لشمس الأئمة السرخسي - رحمه الله -: "ويستحلف البائع على البتات؛ لأنه استحلاف (٥) على فعل نفسه، وهو تسليم المعقود عليه سليماً، كما التزمه".

قوله: (لأن فيه ترك النظر للمشتري)

أي: في هذا المذكور، وهو قوله:

(بالله: لقد باعه وما به هذا العيب)

وقوله:

(بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب الأول)

وهو قوله: بالله لقد باعه وما به هذا العيب.

(ذهول عنه)

أي: غفلة عنه، يقال: ذهلت عن الشيء -بالكسر- ذهولاً غفلت.

والثاني: وهو قوله: بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب، وهو يتعلق بالشرطين، وهما: العيب حالة البيع، وحالة التسليم، وكأن تأويل البائع وغرضه من هذه اليمين عدم وجود العيب في الحالتين جميعاً، فإذا وجد في حاله التسليم بعد البيع كان بارًّا في يمينه؛ لأن الكل ينتفي بانتفاء الجزء، فيتضرر به المشتري حينئذ، وإنما قال: يوهم، إشارة إلى أن تأويل البائع ذلك في يمينه هذه ليس بصحيح، ولكن يوقعه في وهم الصحة؛ للوجه الذي ذكرنا، وهو أن ينتفي بانتفاء الجزء، أو (٦) نقول: إن قوله: وما به هذا العيب، الواو فيه للحال فيوهم أنه يتأول أنه حال أحدهما لا حالهما، وإنما قلنا: إن تأويله ذلك ليس بصحيح لما ذكر في المبسوط هذه المسألة فقال: "وإن لم يكن للمشتري بينة يحلف البائع البتة بالله: لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب، وإنما (٧) يذكر التسليم لجواز أن يكون العيب حدث بعد العقد قبل التسليم، إلا أنهم قالوا: النظر للمشتري ينعدم إذا ما استحلفه بهذه الصفة، فإن العيب لو كان حادثاً بعد العقد قبل التسليم كان للمشتري حق الرد، والبائع بار في يمينه، فإن العيب لم يكن موجوداً عند العقد، فالأحوط أن يحلفه بالله لقد سلمه بحكم هذا العقد إليه، ولم يكن به هذا العيب.


(١) سقط من (ب).
(٢) "يعي" في (ب).
(٣) المحيط البرهاني (٨/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٠).
(٥) "استحلف" في (ب).
(٦) "و" في (ب).
(٧) "ولم" في (ب).