للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويدخل في هذه البراءة/ العيب الموجود والحادث قبل القبض)

وإنما قيد بقوله: في هذه البراءة احترازاً عن البراءة التي قال البائع: بعت هذا العين على أني بريء من كل عيب به، فإنه لا يبرأ من الحادث بالإجماع (١) على ما ذكرنا من رواية شرح الطحاوي، وكذلك في الإيضاح (٢) أيضاً.

وقوله: في قول أبي يوسف - رحمه الله - "جعل هذا القول في المبسوط قول أبي حنيفة - رحمه الله - وظاهر القول من أبي يوسف، وجعل في شرح الطحاوي قول أبي حنيفة وأبي يوسف على ما ذكرناه، وقال محمد - رحمه الله -: لا يدخل فيه الحادث، وهو رواية عن أبي يوسف - رحمه الله -؛ لأن ذلك مجهول، لا يدري أيحدث أم لا، وأي مقدار يحدث" (٣) وأبو يوسف - رحمه الله - (٤) لما جعل (٥) "العيب الحادث قبل القبض كالموجود عند العقد في ثبوت حق الرد به، فكذلك يجعل كالموجود عند العقد في دخوله في شرط البراءة من كل عيب؛ وهذا لأن مقصود البائع إثبات صفة اللزوم للعقد، وفي هذا لا فرق بين العيب الموجودة والحادث قبل القبض" كذا في المبسوط (٦).

فإن قلت: كيف يصح هذا القول من أبي يوسف - رحمه الله - وهو إدخال العيب الحادث في مطلق البراءة من كل عيب، والرواية منصوصة في شرح الطحاوي (٧)، وفي المبسوط أيضاً "بأنه لو باع بشرط البراءة عن كل عيب وما يحدث فالبيع فاسد بالإجماع" (٨)، والحكم الذي يفسد تنصيصه كيف يدخل في مطلق البراءة عنده؟.

قلت: ذكر في الذخيرة "أنه إذا باع بشرط البراءة عن كل عيب يحدث بعد البيع قبل القبض يصح عند أبي يوسف، خلافاً لمحمد" (٩) - رحمهما الله - وذكر في المبسوط (١٠) في موضع آخر: "ولا رواية عن أبي يوسف فيما إذا نص على البراءة من العيب الحادث، ثم قال: وقيل ذلك صحيح عنده باعتبار أنه يقيم السبب -وهو العقد- مقام العيب الموجب للرد في صحة الإسقاط، ولئن سلمنا فنقول: ههنا ظاهر لفظه يتناول العيوب الموجودة، ثم يدخل (١١) فيها قبل القبض تبعاً؛ لأن ذلك يرجع إلى تقرير مقصودها، وقد تدخل في التصرف تبعاً ما لا يجوز أن يكون مقصوداً بذلك التصرف، كالشرب في بيع الأرض والمنقولات في وقف (١٢) القرية".


(١) ينظر: الحاوي الكبير (٥/ ٢٧٤)، المغني لابن قدامة (٤/ ١٣٥).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩١).
(٣) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩٣).
(٤) "يقول" زيادة في (ب).
(٥) سقطتا من (ب).
(٦) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩٤).
(٧) تحفة الفقهاء (٢/ ١٠٣).
(٨) المسألة فيها قولان. ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩٢).
(٩) ينظر: تحفة الفقهاء (٢/ ١٠٣).
(١٠) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩٤).
(١١) "ما يحدث" في (ب) وهي في هامش (أ).
(١٢) "فريد" زيادة في (ج).