للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم العجب من الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله - استضعف هذه النكتة في المبسوط في تعليل قول أبي حنيفة - رحمه الله -، ثم هو - رحمه الله - علل بذلك التعليل أيضاً في الجامع الصغير في هذه المسألة، وهي التي نحن فيها، فقال: وفساد العقد في المبيعة بهذا السبب ضعيف؛ لكون سببه مخفياً مجتهداً فيه، فلا يتعدى (١) عن محله إلى غيره، والله أعلم.

ولكن هو (٢) -رضي الله عنه- أعلى حالاً وأجل قدراً من أن يقال في حقه التناقض والفساد في قوله، ولكن للمجتهدين اختيارات فيختارون في كل موضع ما يليق به.

قوله:

(أو لأنه)

أي: لأن الفساد في المشتراة.

(باعتبار شبهة الربا)

"فلو اعتبرنا تلك الشبهة في الجارية التي ضمت إلى المشتراه لكنّا اعتبرنا شبهة الشبهة وذلك لا يجوز، وبيان قولنا أن في المشتراة شبهة الربا ما ذكره الإمام القاضي خان - رحمه الله - وهو أن في المسألة الأولى إنما لا (٣) يصح شرى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن لشبهة الربا، وذلك؛ لأن (٤) الألف -وإن وجب للبائع (٥) الأول- لكنها على شرف السقوط؛ لاحتمال أن يجد المشتري بها عيباً فيرد فيسقط الثمن عن المشتري، وبالبيع الثاني يقع الأمن عنه، فيصير البائع بالعقد الثاني مشترياً ألفا (٦) بخسمائة من هذا الوجه، والشبهة ملحقة بالحقيقة في باب الربا احتياطاً، ولما أن للتأكيد شبها بالإيجاب، كشهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا" (٧).

(ولأنه طارئ)

أي: لأن الفساد طارئ، فلا يتعدى إلى الآخر، وبيان ذلك ما ذكره في الفوائد الظهيرية وهو أن ما شرط في العقد أن يكون بإزاء ما باعه أقل من الثمن الأول، بل قابل الثمن بالجاريتين، وهذه المقابلة صحيحة، ولكن بعد ذلك أن الثمن ينقسم على قيمتهما، فيصير البعض بإزاء ما باع، والبعض بإزاء ما لم يبع، فحينئذ يفسد البيع فيما باع، وهذا فساد طارئ فلا يتعدى إلى الآخرى، لكن هذا ينتقض بما إذا جمع بين عبد ومدبر وباعهما صفقة واحدة، فالمفسد مقارن للعقد؛ لما أن قبول كل واحدٍ منهما شرطا لصحة العقد في (٨) الآخر، ومع هذا يجوز البيع (٩) في القن، غير أن الشيخ شمس الأئمة السرخسي رحمه الله - قال في مسألة (١٠) العبد والمدبر: "البيع في المدبر غير فاسد، ولهذا لو أجاز القاضي بيعه جاز، ولكنه غير نافذ لحق المدبر" (١١)، وذلك معنى فيه لا/ في العقد، فلهذا لا يتعدى إلى الآخر.


(١) " العقد" زيادة في (ب).
(٢) أي: السرخسي.
(٣) "لم" في (ب) و (ج).
(٤) "كأن" في (ب).
(٥) "بالعقد" زيادة في (ب).
(٦) في (ب) وهي في هامش (أ).
(٧) البناية شرح الهداية (٨/ ١٧٦).
(٨) "على " في (ب).
(٩) سقط من (ب).
(١٠) "مبسوطه" في (ب).
(١١) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤).