للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: باستثناء [الحمل بأن قال: أوصيت بهذه الجارية لفلان إلا حملها، حيث تصح الوصية والاستثناء] (١) (٢)، بل يبطل، وتصح الوصية بأن قال: أوصيت بهذه الجارية لفلان إلا خدمتها يستحق الموصى له الجارية مع خدمتها.

فإن قيل: هذا يشكل على الأصل الذي ذكره أولاً وهو قوله:

(والأصل: أن ما لا يصح افراده بالعقد لا يصح استثناؤه)

[ويلزم من هذا أن ما يصح إفراده بالعقد استثناؤه] (٣).

والخدمة في الوصية مما يصح استثناؤه إجراءً لذلك الأصل.

قلنا: يمنع أولاً لزوم ذلك العكس، ألا ترى أنه ذكر في الإجارات بقوله: "وما جاز أن يكون ثمناً في البيع جاز أن يكون أجرة" (٤)، ولم يلزم من هذا أن كل ما لا يصح ثمناً لا يصلح أجرة، بل يصلح أجرة وإن لم يصلح ثمناً، كالأعيان التي لا تجب في الذمة، فإنها لا تصلح أثماناً وتصلح أجرة، ثم لو سلمنا ذلك فالجواب من عدم صحة الاستثناء [وجوه:

أحدها: أن الاستثناء تصرف في اللفظ، فيصح الاستثناء] (٥) فيما يدخل فيه المستثنى منه، ولفظ الجارية لا يتناول الخدمة، فلم يصح استثناؤها.

والثاني: أن الوصية ليست بعقد، ألا ترى أنه/ يصح قبول الموصي له بعد موت الموصى فلا يتناولهما ما ذكره من لفظ العقد، وكذلك يدخل الموصى به في ملك رؤية الموصَى له بدون القبول، بأن مات الموصى له قبل القبول، فلا يكون عقداً.

والثالث: أنا لو قلنا بصحة الاستثناء والخدمة يلزم أن يرد الخدمة إلى ورثة الموصي، والإرث لا يجري في الخدمة؛ لأن الإرث يجري في الأعيان دون المنافع، فلذلك قلنا (٦) بالاستثناء لا يصح على ما مر وهو قوله:

(لأنه لو كان الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن إلى آخره) (٧).


(١) "بخلاف ما إذا استثنى خدمتها حيث لا يصح الاستثناء" في (ب) وهي في هامش (أ).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب) وهي في هامش (ب).
(٤) الهداية (٣/ ١٢٦٧).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ب) وهي في هامش (ب).
(٦) "أن" زيادة في (ب).
(٧) قال في الهداية: "قال: وكذلك لو باع عبداً على أن يستخدمه البائع شهراً، أو داراً على أن يسكنها، أو على أن يقرضه المشتري درهماً، أو على أن يهدي له هدية؛ لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين؛ ولأنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع وسلف؛ ولأنه لو كان الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن يكون إجارة في بيع، ولو كان لا يقابلهما يكون إعارة في بيع. وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن صفقتين في صفقة. قال: ومن باع عيناً على أن لا يسلمه إلى رأس الشهر فالبيع فاسد؛ لأن الأجل في المبيع العين باطل فيكون شرطاً فاسداً؛ وهذا لأن الأجل شرع ترفيها فيليق بالديون دون الأعيان" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٢).