للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فكان القبول في الحر شرطاً … إلى آخره) (١)

وذكر في المبسوط (٢) جوابهما عن هذا فقال: "وقالا إنما يشترط قبول العقد في أحدهما لقبول العقد في الآخر إذا صح الإيجاب فيهما، حتى لا يكون المشتري ملحقاً للضرر بالبائع في قبول العقد في أحدهما/ دون الآخر وذلك ينعدم إذا لم يصح الإيجاب في أحدهما، فصار هذا كما إذا اشترى عبداً، أو مكاتباً، أو مدبراً فالبيع يفسد في المدبر، ويبقى العقد صحيحاً في العبد كذا هنا، وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول: البائع لما جمع بينهما في الإيجاب فقد شرط في قبول العقد في كل منهما قبول العقد في الآخر، بدليل أن المشتري لا يملك قبول العقد في أحدهما دون الآخر، واشترط قبول العقد في الحر في بيع العبد شرطاً فاسداً، والبيع يبطل بالشرط الفاسد، وقولهما: إن هذا عند صحة الإيجاب، قلنا: عند صحة الإيجاب فيهما يكون هذا شرطاً صحيحاً، ونحن إنما ندعي الشرط الفاسد وذلك عند فساد الإيجاب؛ لأن هذا الشرط باعتبار جمع البائع بينهما في كلامه لا باعتبار وجود المحليَّة فيهما، وقد ذكر الكرخي رجوع أبي يوسف -رحمهما الله- في فصل من هذا الجنس، إلى قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وهي مسألة الطَّوق (٣) والجارية إذا باعهما بثمن مؤجل كما بيَّنا في الصرف، فاستدلوا برجوعه في تلك المسألة على رجوعه في جميع هذه (٤) المسائل؛ لأن الفرق بينهما لا يتضح".


(١) قال في الهداية: "والمكاتب وأم الولد كالمدبر له الاعتبار بالفصل الأول؛ إذ محلية البيع منتفية بالإضافة إلى الكل ولهما أن الفساد بقدر المفسد فلا يتعدى إلى القن، كمن جمع بين الأجنبية وأخته في النكاح، بخلاف ما إذا لم يسمِّ ثمن كل واحد منهما؛ لأنه مجهول ولأبي حنيفة -رحمه الله- وهو الفرق بين الفصلين أن الحر لا يدخل تحت العقد أصلاً؛ لأنه ليس بمال، والبيع صفقة واحدة، فكان القبول في الحر شرطاً للبيع في العبد، وهذا شرط فاسد، بخلاف النكاح؛ لأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة، وأما البيع في هؤلاء فموقوف، وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية، ولهذا ينفذ في عبد الغير بإجارته". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٥).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤).
(٣) الطَّوْقُ: حَلْيٌ يُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ. وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدَارَ فَهُوَ طَوْقٌ كطَوْق الرَّحى الَّذِي يُدِير القُطْب وَنَحْوِ ذَلِك وجمعها أطْواقٌ. وتَطَوَّقَ: لَبِسَه.
مختار الصحاح (ص: ١٩٤)، لسان العرب (١٠/ ٢٣١)، القاموس المحيط (ص: ٩٠٥).
(٤) سقط من (ب).