للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المبسوط (١) "وإنما نعذر الرد باعتبار هذه التصرفات نحو البيع والهبة، وما أشبه ذلك فإن المشترى شراءً فاسداً لما باع من غيره وسلمه إليه تعلق بهذا العين حق المشتري الثاني وحق الله تعالى أيضاً من حيث فسخ العقد بالرد على البائع الأول، وحق الله تعالى مع حق العباد إذا اجتمعا يقدم حق العبد، لا تهاوناً في حق الله تعالى، ولكن لأن الله تعالى أغنى عنه والعفو عنه/ أرجى، بخلاف المشتري بخلاف المشتري من الغاضب؛ لأن ثم تعلق به حق المشتري وحق المغصوب منه، وكل واحد من الحقين حق العبد فيترجح حق المغصوب منه؛ لأنه أسبق". وقوله: وسقط حق الاسترداد لتعلق حق العبد وهو المشتري الثاني.

فإن قلت: يشكل على (٢) هذا ما إذا مات المشتري شراءً فاسداً فملك ما اشتراه وارثه بالإرث لم ينقطع حق استرداد البائع من وارث المشتري وإن تعلق به حق الوارث، بل له أن يسترده من وارث المشتري، بخلاف ما إذا أوصى المشتري بما اشتراه لآخر ثم مات لم يبق للبائع حق الاسترداد من الموصي له.

قلت: إنما كان كذلك (لأن) (٣) ملك الوارث في حكم عين ما كان للمورث، ولهذا يردُّ بالعيب ويردُّ عليه، وذلك الملك كان مستحق النقض (٤)، فانتقل إلى الوارث كذلك، حتى لو مات البائع كان لوارثه أن يسترد المبيع من (٥) المشتري بحكم الفساد، وأما الموصَى له فهو بمنْزلة المشتري الثاني؛ لأن له ملكاً متجدداً؛ لثبوته بسبب اختياري منشإٍ، ولهذا لا يرد بالعيب"، إلى هذا أشار في الذخيرة (٦). وقوله:

(وحق العبد يقدم (٧) لحاجته) (٨)

فإن قلت (٩): يشكل على هذا ما إذا كان حلالاً وفي يده صيد، ثم أحرم، يجب عليه إرساله وفيه تقديم لحق الله تعالى على حق العبد.

قلنا: بل الواجب فيه الجمع بين الحقين؛ لأنه ممكن لا الترجيح، وإنما يصار إلى الترجيح إذا لم يمكن، وههنا ممكن بأن يرسل من يده في موضع بحيث لا يضيع ملكه. (وقوله) (١٠):


(١) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٢٥ - ٢٦).
(٢) سقط من (ب).
(٣) في (ب) وهي في هامش (أ).
(٤) "البعض" في (ج).
(٥) "يد" زيادة في (ب).
(٦) المحيط البرهاني (٦/ ٤٢٢)، العناية شرح الهداية (٦/ ٤٦٧).
(٧) غير منقوطة في (أ) وهي في (ب).
(٨) قال في الهداية: "ونقض الأول لحق الشرع، ولأن الأول مشروع بأصله دون وصفه، والثاني مشروع بأصله ووصفه فلا يعارضه مجرد الوصف" الهداية (٣/ ٩٨٧).
(٩) "قيل" في (ب).
(١٠) في (ج).